فواشنطن ظلت تدفع سنويا ما يقارب الملياري دوﻻر لمصر ثمناً ﻻتفاقية سلام كامب ديفد التي أُخرج بموحبها أكبر جيش عربي من المعركة العربية الإسلامية الأم، أﻻ وهي قضية القدس ثالث الحرمين الشريفين.. تدفع واشنطن المليارات وتدفع الأمة ما هو أعظم من المليارات.. شرفها ومقدساتها وقبلتها الأولى.. غير أن خطورة تولي البنتاجون عمليات تسليح الجيش المصري وفق المعونة الأمريكية، تجعل واشنطن تعرف كل كبيرة وصغيرة عن مقدراته القتالية.. الآليات والمدرعات والمقاتلات، أعدادها ومقدراتها.. أعداد الأفراد والجنود والضباط وأماكنهم ووحداتهم.. لكن يبقى الأخطر من ذلك كله هو تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري المسلم.. وليس أدل على ذلك من إستراتيجية التنسيق بين الجيشين المصري والإسرائيلي لملاحقة (الإسلاميين) في شبه جزيرة سيناء.. وفي هذا السياق تحضرني واقعة طريفة.. واقعة طائرات الأباتشي المصرية التي أرسلت إلى دولتها الأصل الوﻻيات المتحدة الأمريكية بغرض الصيانة الدورية.. فتباطأت واشنطن في استردادها لدرجة تدخل دولة الكيان الصهيوني كوسيط ﻻسترداد الطائرات المصانة، فأعادتها واشنطن.. وكل القصة أن هذه الطائرات الأباتشي ﻻ تستخدم إﻻ في الاحتراب الداخلي وملاحقة الإسلاميين.. وﻻ تصلح للحرابة الدولية.. لكن هب أنها تصلح لمحاربة إسرائيل، فمن الذي سيستخدمها في ظل العقيدة القتالية الكامب ديفدية؟ وهنالك سلاح آخر أشد فتكا بالأمة.. وهو أن هنالك أمة تذهب إلى المائة مليون مصري قدر لها أن تعتمد على القمح الأمريكي كليا.. ولعمري لم يعجل برحيل مرسي إلا أنه اقترب من هذا الخط الأحمر.. تحرير قوت مصر باحتدام ثورة القمح.. وتحضرنا جرأة حسني مبارك في هذا السياق لما دعا لتكامل زراعي سوداني مصري لتحرير قمح الأمة بأكملها فقال قولته المشهورة.. “واشنطن مابتسمحش بذلك”.. يقرأ كل هذا مع تسويق ثقافة إرهابية الإسلاميين المقاومين في المنطقة والمنطق العربيين.. لهذا وذاك لم يكن هنالك وقت أفضل من هذا لتصفية القضية الفلسطينية.. تواطؤ عربي وصمت دولي.. هذا مبلغهم من الحسابات والمكر.. لكنهم ينسون قوله تعالى “وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ”.. فمن وسط هذا الركام سيخرج ﻻ محالة الحبارون فهذا وعد غير مكذوب..
صحيفة اليوم التالي
ع.ش