الصادق الرزيقي : الهروب إلى الأمام

[JUSTIFY]كلما اقتربت عملية الحوار الوطني من بلوغ نقاط فاعلة ومشت خطوات تقود إلى الالتئام المرتقب لمؤتمر الحوار وقطف الثمار المرجوة، تخرج علينا بعض الأحزاب المعارضة التي ارتضت الحوار وسارت في ركبه من البداية بمواقف متناقضة وتتزيا بثياب جديدة، مثل إطلاق كيان جديد لها باسم تحالف القوى الوطنية، ثم تتقدم للأمام وتضع شروطاً لا تفيد التوافق ولا التقارب الوطني!!

> لا فائدة ولا شيء جديد في الذي طرحته الأحزاب المعارضة المنضوية تحت لافتتها المعلنة أمس من خلال مؤتمرها الصحفي بدار حركة الإصلاح الآن وقاطعه حزب كبير ومهم مثل المؤتمر الشعبي، وحددت أحزابنا المعارضة موقفاً جديداً، يباعد بين فرقاء العمل السياسي في البلاد ولا يقربهم، ووضعت عراقيل لا معنى لها إذا كانت جادة في انخراطها في الحوار، فمن الحكمة في السياسة أنه إذا أردت أن تُطاع فلتأمر بالمستطاع!! فلن تستطيع هذه الأحزاب إذا اتخذت اتجاها يقوي الخلاف، تحقيق أي هدف في مرمى السلطة القائمة بسهولة، فهي ستقوي ذريعة المطالبين والرافضين للحوار الوطني، وتقوض حلم السودانيين في الوفاق والاتفاق على الحد الأدنى حتى تعبر البلاد هذه المرحلة الصعبة المعقدة.

> فالمطالبة بالحكومة القومية ومقاطعة ورفض الانتخابات المزمع إجراؤها في موعدها من العام المقبل، والحديث عن الحريات ودولة العدالة، هي استباق لا مبرر له للمؤتمر، وهذه الأمور المختلف عليها التي تثار بقوة هي جوهر قضايا الحوار الوطني التي سيدور حولها النقاش والتحاور بين القوى السياسية والاجتماعية وشركاء العملية الحوارية، فمن الأجدى للأحزاب أن تبحث عن الكيفية التي يعقد بها المؤتمر المرتقب واستقطاب المعارضين له خاصة حاملي السلاح، وتشجيع الجميع على المساهمة الفاعلة فيه، ومن حقها خلال المؤتمر إبداء آراء بشأنها ورص تكتل داخل المؤتمر لصالح أفكارها لتحوذ على أغلبية كبيرة عند إجازة توصيات وقرارات المؤتمر وإقناع الجميع بصواب ما تراه.

> فالحوار انطلق وطرحت مبادرته ليس من أجل أن تبصم الأحزاب على مرادات المؤتمر الوطني كحزب حاكم وتسلم له بالعشرة، إنما هو عملية بناءة لو أحسن التعامل معها، وستقود حتماً إلى نتائج إيجابية مهما كانت درجة الخلاف، وحتى اللحظة لا نجد موانع وعلامات رفض بائنة لأية فكرة جيدة حول القضايا التي أُثيرت في مؤتمر الأحزاب الصحفي أمس، فالانتخابات كاستحقاق دستوري لم ترفض مناقشة مسألة تأجيلها أو عدم إجرائها، فكل التصريحات التي صدرت عن قيادة المؤتمر الوطني والدولة تؤكد أنها ستجرى في ميقاتها، وذلك حرصاً على الالتزام السياسي والدستوري الذي يجب أن تعبر عنه الحكومة وحزبها القابض بتلابيب السلطة.. لكن حتى اللحظة لم يغلق الباب تماماً أمام مناقشة أية أفكار تنادي بالتأجيل إن وجد التعضيد الدستوري وشرعنة هذه الخطوة في حال الاتفاق عليها.

> أما الحكومة الانتقالية أو القومية، فتلك نقطة خلافية عميقة ليس من السهل هضمها لرافضيها، فعلى أي شيء تؤسس وتكوَّن هذه الحكومة؟ ولماذا؟ فبعض الأحزاب الصغيرة من غير ذات الوزن في المعارضة أو حتى الأحزاب الكبيرة التي غابت عن جماهيرها وطوى النسيان فاعليتها السياسية، تنادي بهذه الحكومة وتسعى للمشاركة فيها، لأنها تعلم أنه لا سبيل لجلوسها على مقاعد السلطة إلا عبر هذ النوع من الحكومات.. فمن الغريب أن يكون موقف أحزاب «تحالف القوى الوطنية» هو نفس مواقف أحزاب اليسار والجبهة الثورية التي ظلت تصر على الحكومة القومية وأحياناً الحكومة الانتقالية وتحدد أجل هذه الحكومة.

> فالحكومة الانتقالية أو القومية يجب أن تتمخض من الحوار نفسه وليس قبله، وقد يتفق الناس عليها وقد ترفض، وقد يتوافق الجميع على أن تكون الانتخابات هي الفيصل لمعرفة الأوزان والأحجام بدلاً من ممارسة تضخيم الذات الحزبية من خلال التصريحات والبيانات في الهواء الطلق!!

> وتقتضي الحكمة السياسية، أن تشجع أحزاب المعارضة المنضوية تحت راية الحوار .. هذه العملية وتصل بالمؤتمر الوطني إلى الباب.. فإما صادق أو كذاب!! وعندها فلتتخذ مواقفها وتعلن معارضتها بأية وسيلة تراها.. لكن ليس قبل الجلوس في المؤتمر.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version