طريقة جديدة لاختيار الولاة… صراع المركز والسلطة

[JUSTIFY]أخيراً وعد المؤتمر الوطني بالتفكير جدياً في اختيار مرشحية لمنصب الوالي من غير أبناء الولاية تصريحات مسبقة لأمين الإعلام بالمؤتمر الوطني ياسر يوسف في وصف الخطوة، وقال إنه من حق الكلية الشورية بالولاية أن ترشح أي عضو بالمؤتمر الوطني من أي مكان ترى أنه مناسب لمنصب الوالي، وزاد: اعتقد أن هذا توجه إيجابي وجيد، وشدد ياسر يوسف على أنه لا توجد جهة بمقدورها مصادرة حق أعضاء الحزب في مستوى معين من ممارسة حقهم الأساسي الذي كفله لهم النظام الأساسي ولوائح الحزب.

لعل أحداث نيالا الدامية التي صاحبت إعفاء كاشا من منصبه ورفض الجماهير قرار الاإعفاء الجديد والاتيان بوالٍ جديد لم يكن في مصلحة سكان الولايات بتاتاً، كذلك استبدال الشرتاي جعفر عبد الحكم وتعيين آخر مكانه بعيداً عن الولاية وقريباً من المركز وهو ما لم يسفر عن تقديم اي تجارب تذكر حول استفادة الولايات من إدارة الولاة المبعدين مسبقاً، فكثير من الآراء التي أوردها عدد من المراقبين والإعلاميين ومن بينهم الكاتب الصحفي يوسف عبد المنان بوصفه للفكرة من التغيير بأنه فكرة بائسة لإعفاء ولاة منتخبين من شمال دارفور وشمال كردفان والنيل الأبيض، ويضاف إليها أحياناً جنوب كردفان لأسباب متفاوتة وتقديرات خاصة بالمركز الذي لا يأبه كثيرا للرأي العام داخل حزبه أو خارجه، ووصف الكاتب الصحفي في سياق حديثه بأن الانتخابات التى جاءت بالولاة ممن تم إعفاؤهم لم تعترف بهم القوى السياسية المعارضة، بل حتى القوى السياسية المؤتفلة مع المؤتمر الوطني بدت غير مقتنعة بالانتخابات، ولا نزاهتها. وقد كان أحرى بالمؤتمر الوطنى أن يحترم انتخاباته التي أتت بعدد من الولاة وألا يهزمها في منتصف الطريق، بل يتحمل تبعاتها ويقطف ثمارها قبل أن يرغم ولاة من بينهم كرم الله عباس على مغادرة كرسيه. فهل إعفاء الولاة المنتخبين وتبديلهم بآخرين من المركز يخضع لهوى أشخاص ورغبات جماعات ضغط، أم أن ذلك مسنود بنص من الدستور؟؟ ووصف عبد المنان الخطوة بأنها ليست سوى محاولات من الوطني لاسترضاء بعض الجيوب عبر منحهم وظائف دستورية.

تساءل المحلل السياسي الدكتور الطيب زين العابدين عما إذا كان المعنى بفكرة أحقية الكلية الشورية في أن ترشح لمنصب الوالي من تراه مناسباً بتفسير ذلك بأن الخطوة تتعارض مع ترشيح الولاة بالانتخابات بل بالتعيين. وللأسف الحكومة بذلك نجد فعليا أنها لا تزال تعمل بنظرية شمولية وعسكرية فقط، وهو نهج الإنقاذ السلبي، فللأسف النظام الحاكم هو الذى يسيطر على النظام وقد سبق وحل البرلمان في ظل رئاسة الترابي، بعد أن علمت أنه حاول تعديل الدستور في خطوة يرمي من ورائها إلى بسط المزيد من الديمقراطية، وللأسف نجد أن نتيجة السلطات المطلقة هو المزيد من الضغط على الشعب. وبالرجوع إلى الماضي واستصحاب الحاضر لأدركنا أن السلطة المطلقة في الحكم التي تمتع بها عبود وإصداره لقرارت أدت إلى حل مجلس قيادة الثورة، وفي ظل حكومة نميري كان الحكم المطلق والسلطة المطلقة في يديه.

وأذكر والحديث للمحلل السياسي، أن نميري عين الطيب المرضي حاكماً لدارفور وهو من غير أبناء المنطقة، فرفضه أبناء دارفور وطالبوا بإزاحته، واستجاب نميري لذلك وعزله ليعين مكانه محمد إبراهيم بريج وقد كان مقبولاً من أبناء المنطقة. وتجربة الحكم المطلق الممتدة إبان العهد الحالي بينت انه يسير بعيدا عن الديمقراطية السياسية، فالأولى بالنظام السياسي القويم ان يكون الاعتماد في تعيين الولاة بإجراء الانتخابات بالولايات وان تكون الولاية هي من تنتخب واليها بعد ان ترشحه وان تكون نتائج الانتخابات هي النتيجة المقرر التعيين على أساسها لذلك فان التفسير لاية خطوة للتعيين دون اتباع الطريقة السابقة ليست سوى خطوة في سبيل المزيد من الهيمنة من قبل المكتب القيادي.

المحلل السياسي الدكتور معتصم الحاج تحدث عن أن المؤتمر الوطني ليست لديه ثوابت، وكل العمليات تخضع للتجريب في عهده رغم مرور 25 عاما من تقلده الحكم، وربما ينظر لمسألة انتخاب الوالي من منظور أن تعيينه بات يمثل خطرا على الإدارة، فتجارب عديدة أفرزت نزاعات قبلية لولاة تقلدوا الحكم الولائي والتأم حوله أبناء العشيرة واستفادوا من موارد وثروات الولاية المختلفة الى ان تمردوا على الحكم المركزي وظلوا ينددون بضرورة الانفصال، فأحسب بذلك أن المؤتمر الوطني استشعر الخطر من ذلك. كما طالب د. معتصم في سياق حديثه بإعادة النظر في الحكم الإقليمي والولائي الذي ترتب عليه مزيد من الاستنزاف لموارد الدولة ينبغي إزالته باتباع نظام إداري يتلاءم مع موارد الدولة ودخلها.

صحيفة الانتباهة
ابتهال إدريس
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version