محمد محمد خير

عيد مع سلمى الخضراء الجيوشي

[JUSTIFY]
عيد مع سلمى الخضراء الجيوشي

يسرت لي عطلة عيد الفطر الطويلة فرصة مطالعة كتاب ظللت أخطط لقراءته على مدى خمس سنوات، ولم أستطع إليه سبيلاً لكبر حجمه و لأن موضوعه يحتاج لمزاج خاص. ذلك الكتاب هو كتاب الدكتورة سلمى الخضراء الجيوشي «الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث» الذي قام بترجمته من الإنجليزية إلى العربية الدكتور عبد الواحد لؤلؤة في 977 صفحة.
أهمية هذا الكتاب المرجع تكمن في أنه تطرق لموضوعات و قضايا الشعر العربي الحديث المطروقة بطريقة جديدة، ذلك بإضافة زوايا جديدة للنظر في هذه الموضوعات، و تلك القضايا.
لقد ظهرت كتب كثيرة عن الشعر العربي الحديث، أهمها الدراسة التفصيلية التي طرحها الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه القيم « الشعر العربي الحديث ظواهره و قضاياه» و جاءت من بعده دراسات الدكتور صلاح فضل، و إسهامات جابر عصفور، لذا فقد يحسب للمرء أن أية محاولة جديدة لن تكون سوى تكرار، أو توسع في موضوع مستهلك، لكن التقاط الدكتورة سلمى لتطورالشعر العربي الحديث من خلال تطوره العضوي، رسمت مساراً متواصلاً قلل من جدوى ذلك الاعتقاد.
هدفت الدراسة لتسليط ضوءٍ خافتٍ على قصة العبقرية الشعرية العربية في الزمن الحديث في سبعة فصول استهلتها بالجذور الثقافية للشعر العربي، متخذة الثقافة العربية في القرن الثامن عشر قاعدة لارتكاز هذه العبقرية، و شمل ذلك النهضة العربية في القرن التاسع عشر ونهضة النثر في كل من مصر وسوريا، وخصصت الفصل الثاني لبواكير التطور في القرن العشرين متخذة من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم نموذجاً لتعزيز الكلاسيكية المحدثة، و أبرزت خليل مطران كرائد لتسرب الرومانسية وتابعت هذا التطور الرومانسي للشعر العربي في الأمريكتين من خلال فوزي المعلوف وإلياس فرحات، وأمين الريحاني، وميخائيل نعيمة، وإيليا أبو ماضي، ونسيب عريضة.
إن أهم ما حوته هذه الدراسة القيمة هو الفصل الذي تعرضت فيه للتيجاني يوسف بشير كواحد من الشعراء السودانيين القلائل الذين استطاعوا أن يكونوا لهم اسماً في الوطن العربي في الخمسينات، لكنه لم يشتهر مثل الشابي الذي ظل دائماً يُقارن به، و عزت ذلك لعزلة السودان و تأخره في المساهمة في النهضة الشعرية في الوطن العربي. و في ذات السياق تقتطف رأياً للدكتور محمد إبراهيم الشوش يقول بأن هذه العزلة هي عزلة حميدة لأنها أتاحت للسودانيين خاصة القبائل العربية أن تحافظ على العادات و التقاليد القديمة و تحافظ على نقاء اللغة.
كتاب ممتع التهمت فصوله خلال عطلة العيد جنباً إلى جنب مع الشواء و «المرارة» وهكذا نجحت خطتي التي استمرت لخمسة أعوام.
[/JUSTIFY]

أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني