تهاني عوض: حريقة فيك وفي بورسودان ذاتها!!

استيقظت (محاسن) مبكرا هذا الصباح على غير العادة ، ذلك لأن هذا اليوم بالنسبة لها هو يوم استثنائي وغير عادي لأنه يصادف (الذكرى السابعة) لزواجها من توأم روحها (هاشم).. لقد كانت تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر ، ذلك لأنها أرادت أن تحتفل به بإحساس مختلف وأسلوب مختلف حتى تعيد (شرارة) الحب لحياتها التي قتلها (الملل) والروتين ،

ولما لم تكن لديها أي أفكار (جنونية) للاحتفال ..قررت أن تدخل الانترنت وتتصفحه صفحة صفحة ، سطر سطر، جملة جملة، كلمة كلمة، حرف حرف للتعرف على كل الأساليب والطرق التي يتم بها الاحتفال بذكرى الزواج لدى مختلف شعوب العالم .. ولكن كل ما قرأت عنه لا يناسب (ميزانيتها المحدودة) ، فقررت فورا بعد رجوع الأولاد من المدرسة أن ترسلهم لمنزل (جدتهم صفية) .. واتصلت على أمها بالتلفون تقول لها: يمة كيف قيلتي؟ كيفك من الرطوبة ووجع الكرعين الليلة؟ وفي الطرف الاخر جاءها صوت (أمها) فاتراً حزيناً : كويسة يا بتي والحمد لله تراني عايشة وصابرة .. أمس ما قدرت انوم من وجع الكرعين ، وضربت لخالتك (التومة) قالت لي مسحي كرعيك بـ (الجازلين) ، غايتو شوية الوجع خفّ لكن ريحة الجاز كتلتني..اها ما قلتي لي كيف (هاشم) ؟ اها ما جاب ليك الدهيبات القال بيشترينهن ليك؟ لالا ما جابهن لكن هو كويس..

كل يوم يجي من الشغل تعبان وحيلو مهدود من الجري وراء المواصلات ..وقاطعتها (أمها) حيلو مهدود!!! ما يكون معرس ليهو مرا تانية وغاشي عليك؟ لالا يمة (هاشم) ما بيسويها .. هو ذاتو يجيب القروش من وين؟ المرتب ذاتو ما بيكفي اسبوعين!! المهم يا أمي الليلة برسل ليك أولادي يجوا يونسوك.. انا ماشة عزاء .. عندنا واحدة جارتنا خالها مات !! خلاص يا بتي رسليهم..ما تخليهم يركبوا الحافلة .. ركبيهم (ركشة) شان ما يتعبوا!! خلاص يمة سمح بخليهم يركبوا ركشة .. واول ما الاولاد رجعوا من الروضة على طول رسلتهم لبيت أمها..

وكنست الحوش ، ونظفت كل حجرات البيت.. وغيرت الملايات، واعادت ترتيب السرائر والترابيز ، وعملت ليها (تورتة) ، وزينت البيت بلوحات ورقية وزهور ، ولم تنسى حفرة الدخان ، وقعدت شالت جسمها بــ (الحلاوة) ، ورسلت لــ (نادية) بتاعت الحنة تجي ترسم ليها (نقشة) هندية حلوة وتفرد ليها (شعرها) بالششوار، وارتدت قميص نومها (البمبي) الذي يحبه (هاشم)، وما إن اردت ذلك (القميص) حتى شعرت كأنها عروس تلبسه لأول (مرة) في حياتها، وخيل إليها أن أصبحت أصغر ب(13) سنة..وتعطرت بتلك (العطور) التي يحبها (هاشم) ،

وعند السادسة مساء وقفت أمام المراية تحدث نفسها وفجأة سمعت كركبة الباب.. إنه (هاشم) .. وتنحنح هاشم (كعادته) وصاح: الله انتو الليلة الشفع ديل وين ؟ يا (هندويا) ؟ يا هبويا؟ يا هيثم ؟ الله الشفع ديل ناموا بدري ولا شنو؟ وهرعت (محاسن) نحو الباب لتستقبل (هاشم) بغنج ودلال وصوت لم يألفه من قبل.. اندهش (هاشم) وتلفت يميناً ويساراً..فالبرندا كان مرتبة بطريقة مختلفة ، ورائحة البيت (ذاتها) مختلفة، لا صلصلة لا توم لا جنزبيل!!

وفاجأته: كل سنة وانت طيب يا (حياتي) الليلة عيد (زواجنا) السابع.. ونظر إليها مبهوتاً كأن عقربا لدغته!! يا ولية إنتي مجنونة ولا شاربة ليك حاجة؟! هسع القروش الخسرتيهن في الحاجات ديل كان وفرتيهن ندفع بيهن (القسط) التاني حق (الروضة) ما كان (أحسن)!! عليك قومي بسراع بسراع سخني لي ملاح البامي المفروكة حق أمس..أنا جبتا معاي كسرى وجعاان داير امووت من الجوع..وتعبااان خليني بعد أكل اخد لي غمضة واصحى أمشي لناس (خليل) ألعب الكوشتينة.. الليلة قالوا معاهم ناس من (بورتسودان) ولاعبين (حريق).. كدي أنشوف ناس بورسودان ديل في الحريق.. وذهلت (محاسن) فقد انهدمت كل أحلامها في ليلة (شاعرية) وضاعت كل جهودها هباءً منثورا!! وطنطنت بصوت منخفض.. حريقة فيك وفي بورسودان ذاتها!!

تهاني عوض

Exit mobile version