صحيفة «الإنتباهة» بتاريخ الثلاثاء السابع عشر من رمضان 1435هـ الموافق 15 يوليو 2014م العدد 2958 وفي خطها الرئيس باللون الأحمر «منشيت» في الصفحة الأولى ورد الخبر الآتي: «تفجر الأوضاع بشركة كنانة» ودعونا نتابع محتوى الخبر الذي يقول: تفجرت الأوضاع بطريقة دراماتيكية بشركة سكر كنانة إثر مقاطعة المساهمين العرب لاجتماع الادارة التنفيذية لمجلس ادارة الشركة تمهيداً للجمعية العمومية للشركة اليوم الثلاثاء. وكان من المفترض أن يقدم خلاله العضو المنتدب المقال محمد المرضي التيجاني تقرير الأداء التنفيذي. وأعلن المساهمون العرب رفضهم إقالة المرضي دون علمهم، وقالوا بحسب مصادر «الإنتباهة» إن إقالة المرضي حق أصيل لمجلس الإدارة فقط وليس لوزير الصناعة. وأكد المساهمون أنهم لن يسكتوا على الأمر وسيصعدون القضية لرؤساء دولهم، ووصفوا مسلك الوزير بأنه يسمم مناخ الاستثمار في السودان. انتهى الخبر نقلاً عن «الإنتباهة» الرائعة. وهذا الخبر استفزني باعتباري أحد الذين ساهموا وبلغة البيان بالعمل والذين وضعوا اللبنات الأولى لقطاع السكر في الصحافة السودانية منذ البيانات الأولى للإنقاذ الوطني عندما وجه الأخ الرئيس الشعب السوداني وكشف لهم الحقائق بقوله: نحن استلمنا زمام الأمر بالبلاد، ووجدنا خزنة خاوية على عروشها، ولم نجد في مخازن مصانع السكر ولا وقية واحدة، فاستعملوا البدائل واشربوا الشاي والقهوة بالتمر وحلاوة دربس الى أن تدور المصانع، في اشارة واضحة لاتباع سياسة الاعتماد على الذات ووقف باب الاستيراد من الخارج.
وفي الموسم الأول لمصانع السكر في عهد الانقاذ وفي أيامها الأولى وبمنطق الشرعية الثورية وفي بداية شهر نوفمبر 1989م، قُدت بعثة اعلامية وجولة مطولة لمصانع السكر الخمسة آنذاك، وهي أربعة تابعة لشركة السكر السودانية قطاع عام «الجنيد وحلفا وسنار وعسلاية» وشركة سكر كنانة استثمار عربي مشترك، وكان برفقتي من التلفزيون القومي الشهيدان أسامة الجوخ ومحمد الحافظ يوسف، ومن الاذاعة السودانية الخبير عثمان احمد وشخصي الضعيف المفتقر الى الله أمير البعثة، حيث كنا نمكث في المصنع الواحد ما بين ثلاثة أسابيع وشهر، مما أعطى دفعة معنوية كبيرة للعاملين بهذه المصانع وحفزهم لمزيدٍ من الانتاج والانتاجية، ومنذ ذاك التاريخ بدأت علاقتي بقطاع السكر، بل كنت الصحافي الوحيد الذي رافق وزير شؤون الرئاسة آنذاك الدكتور عوض أحمد الجاز لمصانع قطاع السكر الخمسة وثورة الانقاذ الوطني في عنفوان شبابها.
ولذا، ولا نزكي نفسنا على الله، فملف قطاع السكر أنا الذي صنعته وأعرف عنه كل كبيرة وصغيرة وشاردة وواردة، وبلغة البيان بالعمل وليس، من رأى كمن سمع.
ولذا فكنانة بوصفها شركة تم تأسيسها في عام1975م برأس مال عربي مشترك بهدف استغلال امكانات السودان الهائلة في انتاج «300» ألف طن سكر أبيض في العام، ويتم تصدير «150» ألف طن منها لكسب العملات الأجنبية ويوزع باقي الانتاج محلياً تحقيقاً للاكتفاء الذاتي من سلعة السكر. هذا وتقع الأراضي التي تقوم عليها كنانة جنوب مدينة ربك على الضفة الشرقية للنيل الأبيض على بعد «250» كيلومتراً جنوب الخرطوم عاصمة السودان، كما تبعد حوالى «1200» كيلومتر من مدينة بورتسودان الميناء الرئيس للبلاد. وتبلغ المساحة الكلية للمشروع «150» ألف فدان «39.5 هكتار»، ويتم ري الأراضي المزروعة باستخدام «6» محطات ضخ تبلغ طاقتها «44» متراً مكعباً في الثانية أي «800» مليون جالون في اليوم.
وكنانة المساهمون فيها من عدة دول فهم: حكومة جمهورية السودان وحكومة دولة الكويت وحكومة المملكة العربية السعوية والشركة العربية للاستثمار والهيئة العربية للاستثمار والانماء الزرعي ومؤسسة التنمية السودانية «مصرف» ومجموعة البنوك السودانية، وشركة لونرو البريطانية وشركة نيشوابو اي اليابانية وشركة الخليج لمصايد الأسماك المحدودة. هذا ومن خلال هذا السرد يتضح أن رأس المال العربي في كنانة يمثل نصيب الأسد، ولذا فكنانة بوصفها رأس مال عربي مشترك يعتبر أنجح استثمار يمر على السودان، وفيه التفرد والتميز وربط السودان بعلاقات مميزة ومتميزة وممتازة مع الاخوة الأشقاء العرب في الكويت والمملكة العربية السعودية ودول الخليج والمؤسسات والصناديق والشركات العربية، هذا الى جانب دولتي بريطانيا واليابان ودول الاتحاد الأوروبي التي تتعامل مع كنانة وقيادة كنانة ممثلة في العضو المنتدب لكنانة الخبير الدولي والوطني الذي تقلد أعلى المناصب في منظمة السكر العالمية «رئيس المنظمة دورة 2005م» وما زال يواصل مسيرته مع منظمة السكر العالمية ممثلاً للسودان وفخراً وعزاً ووساماً علي صدر السودان. فكنانة لم تكن محلية كشركة السكر السودانية التي تتبع للقطاع العام، بل كنانة تجاوزت المحلية الى العالمية من أوسع الأبواب، ولها نظمها وقوانينها العالمية التي تحكمها وفق ما خطط لها مع بداية انطلاقتها. ولذا عندما اتخذ الأخ وزير الصناعة السميح الصديق قراراً بإقالة العضو المنتدب لشركة سكر كنانة خبير السكر العالمي محمد المرضي التيجاني فقد أخطأ ولم يجانبه الصواب. نعم وزير الصناعة بحكم منصبه هو رئيس مجلس إدارة شركة سكر كنانة، وكان من الأولى وقبل اتخاذ هذا القرار أن يجلس مع مجلس إدارة شركة كنانة ومع هؤلاء الاخوة العرب المساهمون، لأن مثل هذا الأمر بقدر ما يهم وزارة الصناعة في المقام الأول يهم هؤلاء المساهمين الذين سكبوا أموالهم لدعم السودان ومسيرة السودان ومصلحتهم ومصلحة بلدانهم ودولهم. ومثل هذا القرار يمكن أن يفض الشراكة ويجعل المستثمرين يهربون ويفرون من السودان لأن جو الاستثمار فيه يسيء الى العلاقات الخارجية بين السودان وهذه الدول. وقد اتضح جلياً عزوف المساهمين العرب ومقاطعتهم اجتماع الإدارة التنفيذية الذي كان مزمعاً عقده بتاريخ الثلاثاء 15 يوليو، ورفضهم التام لاقالة محمد المرضي التيجاني والتمسك به، واصفين مسلك وزير الصناعة بأنه يسمم مناخ الاستثمار في السودان، في إشارة خطيرة لتفجر الأوضاع بشركة كنانة. وأنا من هذا المنبر أدعو حكماء السودان وعلى وجه الخصوص رئاسة الجمهورية وبصفة أخص الأخ رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير، للتدخل الفوري في هذا الأمر الخطير والجلل.. والله من وراء القصد يهدي للسبيل.
صحيفة الإنتباهة