صور: إفطار رمضاني جماعي في جنوب السودان لترسيخ قيمة التعايش بين الأديان

نظّمت مجموعة من الشركات الوطنية العاملة في مختلف مجالات الاستثمار في جنوب السودان إفطاراً جماعياً للمسلمين، يوم الثلاثاء، في فندق “نيو سودان” تحت شعار (تآخي .. تعايش وتراحم)، وذلك بحضور لفيف من رجالات الدين، والمشايخ إلى جانب ممثلي البعثات الدبلوماسية، وجمع غفير من المسلمين.

وفي ظل الأزمة التي تشهدها البلاد، طغت دعوات السلام، وإنهاء النزاع علي مائدة الإفطار الرمضاني هذا العام، وتحولت المناسبة إلى منتدى لمناقشة هموم وقضايا المستقبل في البلاد، حسب مراسل الأناضول الذي حضر الإفطار.

وإثر تناول وجبة الإفطار مباشرة، صعد رئيس تحالف منظمات المجتمع المدني في جنوب السودان (يضم في عضويته أكثر من 100 تنظيم مدني مستقل)، دينق أطواي إلى المنصة، وابتدر حديثه بتحية الحضور والمسلمين عامة بشهر رمضان المبارك.

وقال أطواي: “أتينا في منظمات المجتمع المدني لنقول لكم، أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله اتقاكم”.

وتوجه بالشكر إلى رجالات الدين المسيحي لمشاركتهم المسلمين في المناسبات المختلفة، وأعرب عن فرحته بذلك، واعتبر أن الفرحة الأولى في هذه المائدة الرمضانية، هي أن رمضان شهر الطهارة، وصياغة الأخلاق التي تمس حاجة البلاد إليها.

ومضى قائلا: “كما تعرفون أن قانون الصيام أقوى من أي قانون آخر”، وطالب جميع المسلمين بالصلوات والدعوات الصالحة كي يعم السلام والاستقرار جميع ربوع البلاد.

وأوضح أن الصيام ليس للمسلمين فقط فهو موجود في الأديان كافة، وزاد بالقول: “من آمن بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر فهو مؤمن”، لافتاً إلى أن البلاد في حاجة لأهل الكتاب أجمعين.

من جهته، قال ممثل المجتمع المسلم بجنوب السودان، موسي المك كور، في كلمته: “ورد في الأثر أن شاباً سأل سيدنا موسى عليه السلام وقال له أريد أن أكون غنياً جداً، فرد عليه سيدنا موسى، متسائلا: أفي بداية عمرك في الثلاثين عاماً الأولى أم في الثلاثين الأخيرة، فسكت الشاب دون أن يرد”.

وسأل “كور” الحضور لماذا أتى الله برمضان وما هي مشروعيته! وأشار إلى أنه شهر التطهير وتزكية النفس، ودعا الشركات الوطنية للمزيد من دعم المشروعات الدينية.

ومضى بالقول: “استمروا في (فعل) هذا الخير، أنا قادر على الحصول على الطعام إلا أن الآخرين أو الشريحة الضعيفة بالإضافة للأرامل واليتامى لا يتمكنون من ذلك”، وأكد أن هذه هي الفئة الأكثر حاجة للدعم، وزاد بقوله: “خير الصدقة ما أُنفِقَتْ في السر”.

وفي كلمته، شكر ممثل الشركات الوطنية، مكير قينج، الحضور وجميع رجالات الدين لمشاركتهم في الإفطار، وقال إنه أتى ليقدم شكره للمسلمين ورجالات الدين أجمعين.

واعتبر أن هذه المائدة الرمضانية هي بمثابة رسالة إلى العالم بأن جنوب السودان وطن يتميز بالتعايش الديني بين كافة الكيانات الدينية، مبيناً أنه تعلم العمل التجاري من خلال تواجده المستمر مع المسلمين.

ومضى “قينج”، قائلا: “تعلمت من المسلمين أشياء كثيرة أفادتني في العمل التجاري، فكل ما تفعل شيئاً خاطئا يقولون لك هذا عيب”.

وطالباً المسلمين بالدعوات من أجل أن يحل السلام والأمن جميع أرجاء البلاد، وأن يرفع قدراتهم العملية تجاه تحقيق التنمية في البلاد.

بينما قال، أحد الحاضرين، وهو الشيخ أبو عبيدة مصطفى إن شهر رمضان هو شهر التجليات والرحمة بين الناس كافة، وأشار إلى أن الأديان عندما تكون غاية الشعوب تنظم حياتهم، ودعا الجميع في المساجد والكنائس إلى التقرب إلى الله سبحانه وتعالي.

وأعرب مصطفى عن شكره للذين قاموا بتنظيم مائدة الإفطار الذي يجسد معاني المسامحة، وقال إن المائدة قدمت عدة رسائل أهمها تجسيد معاني التسامح والتعايش الديني بين شعب جنوب السودان.

ولفت إلى أن معظم الإفطارات التي أقيمت في الفترات السابقة كان ورائها مسيحيون، وإن ذلك يدل على أن هنالك حرية تعبد وعبادة.

وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى قال في محكم تنزيله: “لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون” (سورة المائدة الآية 82).

واعتبر أن ذلك يمثل أقرب علاقة بين الدين الإسلامي والمسيحي، وطالب وسائل الإعلام بتوصيل رسائل التعايش الديني بين مكونات جنوب السودان إلى العالم الخارجي.

ويتميز أهالي جنوب السودان، بحسب مراقبين، بدرجة عالية من التسامح الديني، حيث يشكل المسيحيون نسبة عالية منهم، ويظهر التعاضد والتراحم والتكافل بينهم بشكل كبير عند المناسبات الدينية المختلفة، وتضم في الأسرة الواحدة المسلم والمسيحي ومعتنق المعتقدات الأفريقي.

وبلغت نسبة المسلمين في جنوب السودان وفقا لآخر احصاء رسمي، تم اجراؤه منتصف ثلاثينيات القرن الماضي على يد مجلس الكنائس العالمي برعاية الاحتلال البريطاني آنذاك 18%، أما المسيحيون فبلغت نسبتهم 17%، وشكل اللادينيون نسبة 65 %.

لكن منظمات إسلامية في جنوب السودان تقول إن نسبة المسلمين قفزت إلى 35%، موزعون على معظم القبائل الموجودة في الشمال، ولا سيما الدينكا، وتضم جنوب السودان نحو 65 مسجدًا موزعة على مختلف الولايات.

ومنذ منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، يشهد جنوب السودان مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين تابعين لنائب الرئيس السابق ريك مشار، الذي يتهمه رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت بمحاولة الانقلاب عليه عسكريًا، وهو الأمر الذي ينفيه الأول.

ورغم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في التاسع من مايو/ أيار الماضي برعاية الهيئة الحكومة لتنمية دول شرق أفريقيا (إيغاد)، لم تتوقف العدائيات بشكل نهائي.

جوبا/ أتيم سايمون/ الأناضول

Exit mobile version