اليوم هو لاجئ في الكاميرون، وهو فخور باسمه الجديد “عبد الله”، ورمضان هذه السنة هو شهر الصيام الأوّل بالنسبة له، مناسبة بدت له مبعثا للصفاء الروحي، رغم ما يكابده من صعوبة نسبية في الصيام لـ 13 ساعة يوميا.
فـ “عبد الله” اعتنق حديثا الدين الإسلامي.. ورغم حداثة هذا التحوّل الذي تشهده حياته، إلاّ أنّه نجح في التغلّب على مجمل الصعوبات المتعلّقة بصيام رمضان، متسلّحا في ذلك بعزيمة فولاذية ورغبة جامحة في النهل من تعاليم الدين الإسلامي، وفقا لما صرّح به اللاجئ للأناضول، في حديث مطوّل عمّا يورثه في أعماقه صيام رمضان للمرة الأولى من متعة تتلاشى معها جميع الصعوبات.
تقاسيم متناسقة، وحركات متجانسة تعكس طباعا هادئة.. ابتسامته لم تفارق محياه وهو يتحدّث إلى مراسل الأناضول.. أصدقاؤه قالوا إنّ حضور الابتسامة الدائم على وجهه انطلق مذ اعتنق الإسلام.. كانت كلماته تنبعث ببطئ غير مملّ، وبدا من الواضح أنّه لم يتمكّن بعد من المعجم الاسلامي، أو من جملة العبارات والمصطلحات المتداولة بين المسلمين، من ذلك قول عبارة “صلّى الله عليه وسلّم” كلّما ذكر اسم النبي محمد، كما أنّه لم يكن يرتدي الجلّابية التي غالبا ما يرتديها المسلمون سواء في افريقيا الوسطى أو في الكاميرون، “ليس هذا مهما بالنسبة لي، لأنّ الأهمّ هو أن يرى الله قلبي”، هكذا قال بكلمات هادئة لم تعكّر صفو ابتسامته الدائمة.
عبد الله شاب لم يتجاوز سنّه الـ 28 عاما، وهو يصوم رمضان للمرة الأولى في حياته، هو يعترف أنه لم يصم يوما واحدا من قبل حتى عندما كان مسيحيا “بداية صيام رمضان كانت رهيبة”، أسرّ وهو يغالب ضحكة كادت أن تفلت عن سيطرته، قبل أن يضيف “المسيحيون يتناولون وجباتهم صباحا، في الغالب، بين السابعة والثامنة، ولذلك كان من الصعب عليّ تناول وجبتي في الرابعة (فجرا، أي قبل الإمساك)”.
وتابع: “خلال الأيام الأولى، شعرت بأنني جائع تماما، لأن الصيام يمتد من الخامسة صباحا إلى السادسة مساء، لم يكن مسموحا لي بالأكل إلاّ في المساء، وبما أنني لم أصم أبدا من قبل، فلقد كان من الصعب حقا فعل ذلك، غير أنّ إيماني ساعدني على المقاومة، وحين يعتريني التعب، كنت ألجا للنوم”.
ورغم “معاناة” الأيام الأولى، إلاّ أنّ الإرادة المنبثقة عن الإيمان تمكّنت من الانتصار على مجمل الصعوبات، وعبد الله أصبح يشعر بتحسّن من يوم لآخر، بيد أنّ الإشكال الوحيد الذي ما يزال عالقا هو عجزه عن تناول الطعام في الصباح الباكر.
“عبد الله”، قال: “أتناول الشاي فحسب، وأحيانا قطعة صغيرة من الخبز.. في الوقت الراهن، نجحت في مقاومة الجوع، غير أنني مازلت أشعر بالعطش”.
“عبد الله” يقيم حاليا في الكاميرون، بيد أنّه من سكان افريقيا الوسطى الذين فروا هاربين منها، بسبب تحوّل الأزمة السياسية فيها إلى نزاع طائفي. فلقد حطّ رحاله في الكاميرون في شهر أغسطس/ آب 2013. وبعد شهر على قدومه، توجّه نحو إحدى مساجد العاصمة الكاميرونية، لاعتناق الدين الإسلامي، تتويجا لـ “رغبة في ذلك تملّكتني منذ سنوات عديدة خلت. لديّ العديد من الأصدقاء المسلمين، ولقد أحببت طريقة عيشهم”، على حدّ قوله.
إثر لقائه بإمام المسجد، كان عليه المرور بمراحل لاعتناق الدين الإسلامي، آخرها كان الاغتسال.
يقول “عبد الله” متحدّثا عن هذه الخطوة “إنها نوع من الطهارة، وتتمّ على مرحلتين: مرحلة أولى، نكتفي من خلالها بغسل أجزاء من الجسم مثل اليدين إلى المرفقين والقدمين والوجه، أما المرحلة الثانية، فتقضي بغسل الجسم بأكمله”.
[/JUSTIFY]
م.ت
[/FONT]