العم عبدالقادر أحمد همت احد كوادر الحركة الاسلامية منذ نشأتها وتكوينها ، كان من اكثر الناس عملاً لتثبيت اركانها يحدوه الأمل أن تقام دولة العدل والفضيلة ، والقسط والمساواة.. بذل وقت قيام ثورة الإنقاذ الوطني من حر ماله ووقته وجهده حتى تُثبت الثورة اركانها وينهض بنيانها . تنازل عم عبدالقادر طوعاً وعن طيب خاطر عن بيته في المنشية ليكون مقراً لجهاز الامن والمخابرات الوطني عندما كان الجهاز في طور التكوين ، ولمدة تزيد عن الخمس سنوات بلا مقابل ولا حتى إنتظار كلمة شكر .. وقتها كانت الانقاذ لا تمتلك لا مالاً ولا عقاراً . ولكن كيف تتوقعون أن تكافؤه ثورة الإنقاذ الوطني وكيف ردت اليه الجميل والمعروف الذي قدمه لها ؟
جزاء سنمار :
عم عبدالقادر همت ليس نكرة وانما هو علم منذ شبابه.. فهو عداء وملاكم شارك في بطولات رياضية عديدة، وهو من عرك مجال البنوك والصيرفة لأكثر من اربعين عاماً تنقل في شتى مناصبها .. شغل منصب المدير العام لبنك العمال لما يزيد عن اربع سنوات وكان أحد مؤسسيه وهو من جلب المكون الاجنبي من رأس المال بالعملة الحرة ، وهو ايضاً من مؤسسي بنك التنمية الشعبية وهو ذات الشخص الذي جلب واستجلب المكون الاجنبي من العملات الحرة لهذا البنك أيضاً .عم عبدالقادر شغل ايضاً منصب المساعد الاول للمدير العام لبنك النيلين وعين مديراً عاماً للاتحاد التعاوني لولاية الخرطوم والذي شهد خلال ولايته نقله وقفزة كبيرة .
استقال عم عبدالقادر من منصب المدير العام لبنك العمال في العام 1993، طالباً احالته للتقاعد وذلك حين رأي انحرافاً من متنفذين ومؤتمنين على مال الشعب العام في بنك العمال ، مفضلاً سلامة دينه ومبادئه بعيداً عن الشبهات في هذه المؤسسات التي بدأت تسلك مسلكاً لم يرتضيه. قرر ان يصبح رقيباً عليها وعلى أصحاب السلطان حين أصبح عضواً تشريعياً في ولاية الخرطوم ، صار يجهر في مجالسهم منتقداً الممارسات الخاطئة والانحراف عن مسار ونهج الحركة الاسلامية ، ولكن شاءت الاقدار ان يصاب العم عبدالقادر همت بمرض القلب بسبب ما راه من ظلمٍ بدأ يتفشى في رفاق كان يحسبهم اطهاراً. كان من حقه على الدولة ان تتحمل نفقات علاجه حتى وإن تتطلب الامر نقله للعلاج بالخارج ، ولكن : رفض والي الخرطوم حينها دفع ما يلي الولاية من إلتزام مالي لعلاجه لا لشىء إلا لأن العم عبدالقادر لم يمنح ذاك الوالي صوته ، لانه رأى فيه شخصاً غير كفءٍ لهذه الولاية ، والسبب الذي جعل عم عبدالقادر يرى ان الرجل غير كفءٍ للولاية مرتبطٌ بالسبب الذي من اجله قدم عم عبدالقادر استقالته من منصب المدير العام لبنك العمال وطلب الإحالة للتقاعد . ظل عم عبدالقادر طريح فراش المرض في مستشفيات الأردن ينتظر تحويل الالتزام المالي من ولاية الخرطوم تجاه علاجه ولكن يا للأسف ما كان ينتظر إلا سراباً من اصدقاءه في الحركة الاسلامية الذين كان يعتقد بأنهم لن يخلطوا الشأن الشخصي بالشأن العام ولكنهم للأسف فعلوا.
يسر الله لعم عبدالقادر مخرجاً اخر غير ولاية الخرطوم وحكومة السودان ، إستطاع إبنه بالخارج الذي ان يكفل له دخولاً لبلاد الغرب وأن يكفل له سبل اجراء عملية للقلب هناك ـ فتعافى بعدها بحمد الله ومنته ..
أخيراً قبلت حكومة السودان طلبه بإحالته للتقاعد ولكنها إحالة بلا معاش تقاعد ؟!
محافظ بنك السودان الأسبق يسرق معاش عم عبدالقادر و معاشات قرابة 2600 موظفاً اخرين:
بدأت حكاية المعاش هذه عندما فكرت حكومة السودان في بيع بنك الخرطوم لمستثمرين خليجيين ، هؤلاء المستثمرين اشتطروا من جملة ما اشترطوا الا يتحملوا اي التزامات سابقة للبنك تجاه موظفيه ، وهذه تشمل استحقاقات ما بعد الخدمة ومعاش التقاعد.. وهنا برز المكر والخديعة .. فكر السيد صابر محمد الحسن محافظ البنك المركزي يومها كيف يحل معضلته هذه وهو من كان حريصاً على ( بيع بنك الخرطوم) فلجأ للسيد الرئيس واقنعه ( بحرمان ) موظفي البنوك الحكومية عامة من استحقاقات المعاش ، فأصدر السيد الرئيس قراراً جمهورياً ( بحرمان) موظفي البنوك الحكومية من معاشاتٍ قد استقطعت اشتراكاتها من رواتبهم ، واستوفوا شروطها خدمةً وسناً في بادرة تعد بالجد خطيرة ، منافيةً لمبدأ العدل والقسط في الإسلام الذي تتدثر دولة الإنقاذ بثيابه .. ومنافيةً لمبادىء الدستور وقوانين حكومة السودان . هذا الخرق الواضح رأي فيه هؤلاء المظلومين بصيص املٍ عن طريق القضاء فرفعوا قضيتهم للمحكمة ، فحكمت لصالحهم ، إستأنفت الحكومة السودانية ممثلة في البنك المركزي حتى وصلت القضية اعلى مرتبة في القضاء وفي كل هذه المراحل كان الحكم لصالح هؤلاء النفر المساكين الذين ظلموا .. وصل الأمر للسيد الرئيس ، فأدرك انه اخطأ عندما أخذ بمشورة السيد صابر (بحرمان) موظفي البنوك الحكومية من معاشاتهم ، فقرر سعادته الغاء قراره الجمهوري السابق وامر بتطبيق حكم القضاء.
وهنا يظهر لك العجب العجاب :
رفض السيد صابر تطبيق الحكم القضائي وانبرى يطرح حلولاً مبتسرة و مبتورة للقضية وفق شروط يراها هو فإن لم يقبلوا بها فليس هناك حل !!.. لجأت المجموعة للبرلمان فايدهم .. ولجأوا للمنظمات الحقوقية والانسانية فأيدتهم في عدالة قضيتهم وطرقوا باب وزير العدل فأقر بأحقيتهم في المعاش ولكن رغم كل هذا ظل بنك السودان المركزي ومحافظه ممانعين لتنفيذ الحكم وصرف معاشات هؤلاء الموظفين .
لجأوا للقضاء مرة اخرى فأمر القاضي في حالة رفض محافظ بنك السودان لتنفيذ الحكم القضائي والقرار الجمهوري بأن يحبس وأن يتم وادخاله السجن .. حين ذلك استخدم السيد صابر مبدأ التقية ( استعارة من الشيعة ) فصرف لهم معاشاتهم بأثر رجعي حتى 2006 وفي نفس الوقت بحث عن منفذٍ آخر يعطل به الأحكام القضائية .. وجد ضالته في وزير العدل حينها السيد سبدرات . طلب السيد صابر من وزير العدل الغاء ( لائحة تنظيمية) اعدها صابر ذات نفسه لتعديل هيكل الرواتب في البنوك الحكومية ومن جملتها البنك المركزي الذي نال نصيب الاسد في تعديل الرواتب وخاصة بالنسبة للمحافظ.. طلب الغاء اللائحة بحجة انه لم يكن يملك الصلاحية ولا الاهلية لاصدارها في ذلك الوقت . وتم الغاء تلك اللائحة بواسطة السيد سبدرات ولكن بشكل لا يمس محافظ البنك ولا الحاشية المقربين او المرضي عنهم ، لم يقف الامر في هذاالحد بل ساعده وزير العدل في سد (ثغرة القضاء) التي يلجأ لها هؤلاء المحرومون لنيل حقوقهم بحيث امر القضاة بعدم استقبال أي شكوى من هذه المجموعة أو اتحادهم .
تقاعد السيد صابر ولكن لم يشمله قرار ( حرمان ) موظفي البنوك الحكومية من المعاش ولا حتى قرار الغاء (اللائحة) التي اعدها هو بنفسه والتي ألغاها مع صديقه سبدرات. السيد صابر محمد الحسن ومن بعده السيد محمد خير الزبير يتمتعان الان بمعاشين (كاملي الدسم) وهما ليسا في حاجة لهذه (الدراهم) وفي ذات الوقت نرى الغلابى من موظفي البنوك الحكومية يمضغون علقم الصبر في انتظارٍ طويل أملاً في ان يطل عليهم معاش التعاقد ، رحمةً بسن وعمرٍ تقدم وعوائل افقرت ولكن هيهات أن يأتي ذاك المعاش المنتظر.. من هؤلاء من رضخ لشروط المحافظ المجحفة واكتفى بمستحقات هزيلة بدلاً عن المعاش المستحق عشماً ان تسد له حاجة من ضروريات الحياة اليومية ، ومنهم من ينتظر عدالة الأرض وعدالة السماء ، وعمنا عبدالقادر أحمد همت من جملة هؤلاء المنتظرين !
اسئلة تحتاج اجابات :
اطرف مافي هذه التراجيديا ما ذكره عم عبدالقادر حين قال : “عندما نعرض قصتنا هذه على اي احد اول شىء نسمعه منه هو : ما دام الرئيس والقضاء والبرلمان ورئيس البرلمان ووزير العدل والمنظمات المدنية والحقوقية ، كل هؤلاء الى صفكم ، اذاً من الذي يقف ضدكم ؟
هل السيد صابر محمد الحسن بهذا النفوذ بحيث يستطيع ان يضرب بحكم القضاء وبتوجيهات الرئيس عرض الحائط ، وكيف سار من اتى بعده على نفس المنوال والنهج ؟
ام ان الامر لا يتعدى كونه نوع من الدس والدسائس، والمكر والخداع لتعطيل مصالح هؤلاء المساكين ؟
كيف سيقابل السيد صابر ربه بكل هذه المظالم لكل هذا العدد من الناس ؟
الذي نراه الآن هو ما صنعته الانقاذ بأحد ابنائها فماذا يا تُرى قد فعلت الإنقاذ بمن قد عارضها وخالفها الراي ؟
هل يعتقد جهابزة الانقاذ ومن (منظور اسلامي بحت) ان ملكاً يَظلِمُ الناس ، وتُأكل فيه الحقوق ، وتُهمل فيه احكام القضاء ، هل يرون أنه سيسود ام انه سيفنى وفقاً لشروط الاستخلاف في الارض ؟
السيد الرئيس اصدر كثيراً من التوجيهات والقرارات ولكننا نرى بعضها وقد ضُرب به عرض الحائط .. السؤال ما السبب ؟ هل لكثرة مشغوليات الرئيس بحيث انه لا يستطيع متابعة تنفيذها ، ام ان التقارير التي تصله مضللة ،ام أن هنالك مراكز قوى نفوذها يطغى على نفوذ الرئيس ذات نفسه ؟
بقلم : الجنيد خوجلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– تم إعداد هذا المقال بواسطة مجموعة : قلم ٌوساعد ( قلمٌ وضيءٌ وساعد بناء)
– انضم إلينا وكن عضواً فاعلاً في إعداد مقالاتنا القادمة .
– للتواصل معنا : [email]galamwasaed@gmail.com[/email]
– قلم وساعد : نحن لا نكتفي بلعن الظلام ولكننا نضع لبنةً ونُوقدُ فوقها شمعة .
– للإطلاع على رؤيتنا وأهداف المجموعة : اضغط هنا
https://docs.google.com/document/d/1rbnd_jtl-_DDHtO_Nid77Ya4HZkxpcxnU0LVfWDMxmg/edit
[/JUSTIFY]