وأن د. مريم الصادق طبيبة مارست مهنتها لسنوات قليلة وجمدت العمل بها بعد أن انصرفت للعمل السياسي المعارض، ومؤخراً حصلت على بكالريوس في القانون وهي تجيد الحديث باللغتين العربية والإنجليزية التي تحدثت بها مرات في الـ (MBC) وغيرها. ولا ينكر أحد أنها صاحبة مؤهلات وقدرات وجهتها بحماس للمعارضة، وكانت من أعمدة تحالف الأحزاب المعارضة عند إنشائه ومثلت هي والأستاذ فاروق أبـوعيسي، وعرمان ثلاثياً منسجماً وكانت رؤاهم وتصريحاتهم متطابقة في ذلك الوقت. وللدكتورة علاقات بالحركات المسلحة ولم تتهم بأنها كانت تحرضهم، ولم تتهم بأية عمالة ولكن أعلن عدة مرات أنها ذهبت للتفارض معهم ودعوتهم لمائدة المفاوضات والسلام. ونأمل أن تواصل نفس الدور في دعوتهم لمائدة المفاوضات لإرساء دعائم السلام. والاآن قد مج الشعب كثرة الكلام من كل السياسيين حاكمين أو معارضين، وأن المشاركة في بناء فصل بود نوباوي، أو في حفر بئر، أو إقامة مئذنة بمسجد بأمبدة، أو ترميم عنبر بمستشفى في الديوم، خير من إطلاق الكلمات النارية في منابر الثرثرة ومعاركها الهوائية التي ما قتلت ذبابة. والبلاد على أعتاب دورة جديدة تبدأ في شهر أبريل من عام 2015م القادم فإن كل المؤشرات وقرائن الأحوال تؤكد أن النظام الحاكم سيمضي في إجراء الانتخابات في موعدها حتى إعلان نتائجها، ويطمح أن تبدأ الدورة القادمة في زفة قومية، وأن ما يدور من حديث عن حوار وطني يفهمه أي طرف بالطريقة التي تروق له هو أحد مقدمات ومقومات الزفة الإنقاذية القومية المشار إليها. وإن أي حديث عن الزهد في السلطة هو حديث للتمويه لا أساس له من الصحة؛ وما يصدر من تصريحات في هذا الصدد هو مجرد جس نبض وأنبوب اختبار لمعرفة ردود الفعل الشعبية. وقد تحدث بعض المتغيرات في التحالفات أو بالأحرى في المشاركات وعلى سبيل المثال: يمكن أن يستغني النظام الحاكم عن مشاركة عدد من الأحزاب التي استنفذت أغراضها وتحمل اسم حزب الأمة ويتخلى عنها دون أن يطرف له جفن إذا ضمن مشاركة حزب الأمة القومي، ولكن الصخرة الصلدة والعقبة الكأداء التي تتحطم عندها مساعي المشاركة تتعلق بموضوع الرئاسة وقطعاً إن النظام الحاكم لن يتخلى عن الرئاسة وكابينة القيادة لغيره ولو انطبقت السماء والأرض، وإذا لم يتم تجاوز هذه العقبة ستظل المفاوضات تراوح مكانها ولو استمرت لربع قرن آخر، وستصبح كصخرة سيزيف ترتفع حتى تكاد تبلغ القمة ثم تنحدر للسفح. وإزاء ذلك فإن على حزب الأمة القومي أن يحدد خياراته بوضوح في المرحلة القادمة فإما أن يكون في المعارضة بوضعها الراهن، ويكون في حالة شد وجذب مع بعض مكوناتها الأخرى، وإما أن يكون مستقلاً بنفسه في معارضته مع التحالف مع من يتوافقون معه في الرؤية، وعليه في هذه الحالة أن يسأل نفسه إلى أين تقودنا هذه المعارضة وهل هي لتزجية الوقت وملء الفراغ أم للوصول لنتائج وأهداف محددة. والحسابات الواقعية تؤكد أنه لن يقوم بانقلاب عسكري يطيح بالنظام الذي يعارضه. أما بالنسبة للانتفاضة الشعبية فإن تجربة ربع القرن الماضي تكفي وقد بلغت الأزمات قمتها في بعض الأحيان ولم تستطع المعارضة أن تفعل شيئاً، ولعل الجميع يذكرون العبارة الشهيرة التي خطها المرحوم نقد في ميدان أبي جنزير «حضرنا ولم نجدكم !» ولكن لو حدث في المستقبل أي انفجار شعبي تلقائي فلا يدعي أولئك المعارضون أن لهم فيه يداً. والخيار الآخر لحزب الأمة في المرحلة القادمة هو الاستمرار في عقد الندوات والإدلاء بالتصريحات والقيام بزيارات للقواعد يتم استقبالهم فيها استقبالاً حاراً حاشداً ولكن النظام الحاكم قد تصله تقارير عن هذه اللقاءات وقد تنقل له نقلاً حياً مباشراً ولكنها لا تهزه ولا تحرك فيه شعره وهي بالنسبة له ككلام الليل يمحوه النهار. وأن من الخيارات التي يمكن أن تطرح التفاوض حول المشاركة في السلطة من أجل رفعة الوطن شريطة أن تكون المشاركة فعلية في كل مؤسسات الدولة السيادية والتشريعية والتنفيذية وفي كل الهيئات ومجالس الإدارات والمجالس التشريعية عل مستوياتها الولائية والمحلية، وقطعاً إن مشاركة المئات بل الآلاف من كوادر حزب الأمة في السلطة ستضيف إليها ولا تخصم منها وتجعل الأمور تدار في شفافية بلا غموض أو إبهام مع تجاوز موضوع الرئاسة بوضع زعامي وليس بالضرورة أن ترتبط الزعامة بالمواقع والمراسيم الرسمية. وعلى حزب الأمة أن يحسم أموره، فإما أن يشارك بإخلاص وإما أن يعارض بوضوح «إما أن تكون أخي بحق فأعرف منك غثي من سميني وإما فاتخذني عدواً أتقيك وتتقيني». وإن «حزب الأمة والأنصار قطعاً لا يرضي لنفسه أن يكون حائط مبكى للآخرين ليحولوه لركن نقاش أشبه بأركان النقاش في الجامعات، وهذا دور لا يناسب وزنه وثقله الجماهيري».
صحيفة الإنتباهة
ع.ش