أوروبا تجمِّد حسابات مسؤوليْن كبيريْن بالجنوب

[JUSTIFY]قرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على اثنين من كبار مسؤولي جنوب السودان، لمسؤوليتهما في استمرار الأعمال العدائية بين الطرفين المتناحرين في هذه الدولة حديثة العهد. وأعلن مجلس أوروبا الذي يمثل الحكومات في بيان أن الشخصين اللذين لم يوضح هويتهما مسؤولان عن انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، وسيخضعان إلى تجميد حساباتهما وسيحرمان من تأشيرات السفر، ويقول إن هذين الشخصين مسؤولان عن فظائع، وقال مصدر أوروبي إن مجلس أوروبا وبهذه العقوبات التي ستطبق اليوم الجمعة، لا ينحاز إلى أي جانب من طرفي النزاع، وأضاف أن الاتحاد الأوروبي قرر إبقاء الحظر على الأسلحة أيضاً، وفيما يلي تفاصيل الأحداث الداخلية والدولية المرتبطة بأزمة دولة جنوب السودان أمس.

كيري يدعو
دعا وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، القادة المتخاصمين في جنوب السودان، إلى التحلي بالشجاعة والقيادة عبر وقف الأعمال الحربية، وذلك في اليوم الذي يصادف الذكرى الثالثة لاستقلال البلد. وقال الوزير الأميركي بمناسبة الذكرى الثالثة لاستقلال جنوب السودان، والتي يجري إحياؤها في أجواء الحرب الأهلية بعد أشهر من الفظائع والمجازر، وقال: لقد حان الوقت لاحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم في 23 يناير الماضي. وأضاف: لقد حان الوقت للقادة في جنوب السودان أن يتحلوا بالشجاعة والقيادة ويؤكدوا مجدداً التزامهم حيال الوحدة والمصالحة والمسؤولية وحيال مستقبل أفضل لشعب جنوب السودان. والنزاع الذي اندلع في 15 ديسمبر 2013 بسبب الصراع على السلطة بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار، أحدث انقسامات عميقة بين العديد من قبائل الجنوب وخاصة بين قبائل الدينكا التي ينتمي إليها الرئيس كير، وقبائل النوير التي ينتمي إليها منافسه تجلت في سلسلة طويلة من التجاوزات والمذابح التي كان المدنيون أولى ضحاياها.

الأمن في بور
أعرب عدد من نازحي بور بمقر الأمم المتحدة عن مخاوفهم من انعدام الأمن بمدينة بور وسط تمسك تام بالبقاء بمقر البعثة الأممية، وقال عدد منهم تحدثوا لراديو «تمازج» من داخل المقر بأن تردي الأوضاع الأمنية بمدينة بور يجبرهم على البقاء بمقر البعثة الأممية، حيث كذب المتحدثون منهم اقوال السلطات الحكومية القائلة بأن الأوضاع الأمنية بمدينة بور مستقرة، واضافوا بأن القوات الموالية للحكومة التي شاركت في قتلهم ما زالت موجودة بمدينة بور، وأكدوا بأن الغالبية العظمى من النازحين يتمسكون بالبقاء في مقر البعثة بدلاً من العودة حتى لا يتعرضوا للقتل مرة أخرى. وزاد أحدهم «صوت»، بينما شباب مدينة بور من جانبهم اشاروا إلى أنهم ليسوا ضد رجوع النازحين إلى المدينة، ونفى عدد منهم الانباء القائلة بأنهم عقبة في عودة النازحين، وذلك بالإشارة للهجوم الذي وقع على مقر النازحين في السابق وأدى إلى مقتل وإصابة العشرات أدانته الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، إلا أن رجالات الدين المسيحي من جانبهم طالبوا بالمصالحة حتى يتسنى للنازحين العودة، وأكدوا بأن هنالك مخاوف وسط النازحين من العودة، لكن الشباب من جانبهم عادوا و أشاروا بأن الحكومة موجودة بمدينة بور وهي المسؤولة من حماية النازحين.

إصابة «100» بالكوليرا
تشهد محلية فشودة بولاية أعالي النيل بدولة جنوب السودان هذه الأيام انتشاراً مريعاً لوباء الكوليرا، وسط أنباء عن وفيات ومخاوف من اتساع دائرة الانتشار للمناطق المجاورة، واوضح الدكتور داك نيانق وهو يعمل مساعد طبي بمستشفى كودك بمحلية فشودة بأن هنالك انتشار مخيف لوباء الكوليرا بالمحلية، في ظل تردي صعب للخدمات الصحية بالمنطقة، كاشفاً عن أن الأسبوع الماضي منطقة لول وحدها شهدت تسجيل «100» حالة إصابة، هذا إلى جانب وفاة «4» آخرين نتيجة للإصابة بالمرض، مشيراً إلى إنتشار المرض بمناطق متفرقة من المحلية من بينها منطقة لول،بوط وبول، وأعلن عن وفاة «4» أطفال نتيجة للمرض بمنطقة لول، كما أشار إلى تردي الخدمات الصحية بالمنطقة، وقال بأن منظمتي اطباء بلاحدود والصليب الأحمر الدولي تعملان في تقديم العلاج، إلا أن اتساع المنطقة تتطلب تدخل السلطات الصحية ومعها منظمات أخرى وذلك بغرض مضاعفة الجهود للحد من انتشار الوباء.

قوات أثيوبية بجوبا
وصلت أول دفعة وقوامها «90» رجلاً من قوات حفظ السلام الاثيوبية الى جوبا عاصمة جنوب السودان، كعناصر لقوات الردع والحماية الاقليمية التابعة لمنظمة الايقاد. كما ان كلاً من رواندا وكينيا من المفترض أن ترسلا قوات لهذه القوة ولكنهما لم تفعلا بعد. وبرغم وصول القوات الاثيوبية الى جوبا منذ اسبوعين الا ان انسحاب القوة الاوغندية شبه مستحيل في الوقت الحالي، لأن عدد قوات الردع الاقليمية ما زال اقل من «2500» رجل. إلا ان هذه الاحداث تضع اثيوبيا في بؤرة الجهود الرامية الى اعادة السلام الى جنوب السودان، ويبرز دورها كلاعب اقليمي مهم، ولكن يبقى التساؤل حول الكيفية التي سيتم بها الربط بين الجيش الاثيوبي والجيش اليوغندي ولترتيب هذا قامت قيادات عليا من الجيشين بعقد اكثر من اجتماع خلال الشهور الماضية. الجدير بالذكر ان جانب رياك مشار في الصراع طالب بانسحاب القوات الأوغندية كشرط اساسي ومسبق لتحقيق تقدم في مفاوضات السلام.

مخاوف الانهيار
الاحتفالات التي عمت شوارع مدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان في ذكرى الانفصال عن السودان، لم تكن كاحتفالات العام الماضي. فالذكرى الثالثة للانفصال التي صادفت 9 يوليو في أجواء اقتتال داخلي وأزمة سياسية في الدولة الوليدة. في دولة جنوب السودان، لا يزال نحو أربعة ملايين شخص يعانون من المجاعة والآلاف يقبعون في مخيمات الإيواء داخل البلاد وخارجها، بسبب استمرار الحرب التي اندلعت في 15 ديسمبر من العام الماضي، إثر الخلاف السياسي بين جيل الاستقلال رفاق الأمس وأعداء اليوم الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار. فبينما شهد ميدان الحرية في جوبا احتفالاً رسمياً بهذه المناسبة حضره المئات من المواطنين، كان شول لام يجلس بعيداً وهو يستمع إلى المذياع داخل إحدى قواعد الأمم المتحدة بجنوب السودان، وهو يرى أن المظاهر التي ظلت مألوفة طيلة العامين الماضيين قد اختفت. يقول لام متحدثاً للجزيرة نت إنه لا يرى أي وجاهة في هذه الذكرى، لأنه ظل والمئات من أمثاله داخل مقرات للأمم المتحدة بسبب عدم توفر الأمن والاستقرار، وهو ما يمنعه من العودة إلى منزله. قصة شول لام واحدة من العديد من القصص التي تسرد مظاهر الحزن التي طغت مع مرور الذكرى الثالثة، حيث قتل الآلاف حتى الآن بسبب حرب لا علاقة لها بقضاياهم واحتياجاتهم اليومية. ويرى وزير الخارجية بجنوب السودان برنابا مريال بنجامين بأنه رغم الأحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد، يتعين على شعب جنوب السودان التفاؤل بقدر كبير لإنجاح مفاوضات السلام بين حكومته والمعارضين بوساطة من منظمة الإيقاد.

وأضاف بنجامين متحدثاً، أن الحكومة قد أنجزت العديد من المشاريع الخدمية المهمة، مثل المعمل الصحي المركزي، الذي يعد الوحيد في الدولة. مشيراً إلى أن هنالك حاجة أيضاً لإزالة المخاوف والهواجس المتعلقة بمصير البلاد. وأضاف بلادنا ستتخطى كل هذه الخيبات ولن تنهار، كما يعتقد البعض. وأدت المواجهات العسكرية التي اندلعت نهاية العام الماضي بين القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفاكير ميارديت وزعيم المعارضين نائب الرئيس المقال رياك مشار إلى مقتل الآلاف من المواطنين، حيث تميزت هذه المواجهات ببروز ظاهرة القتل على أساس عرقي بين قبيلتي الدينكا والنوير اللتين ينتمي لهما زعيما الطرفين.
واعتبر ألبينو أكول أتاك الناطق الرسمي باسم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي أن الأعوام الماضية من عمر الدولة تميزت ببطء عجلة التنمية في جميع النواحي، وتحديداً الخدمات وتحسين الوضع الأمني. وقال أتاك للجزيرة نت إن المرحلة القادمة تتطلب تعزيز أسباب الوحدة بين الجميع وإقرار السلام وإجراء المصالحة الوطنية، والعمل بمبدأ قبول الآخر ونبذ النزعة الإثنية التي أصبحت تنتشر في أواسط الجميع.

ومنذ اندلاع المواجهات العسكرية بين الحكومة والمعارضين يرى العديد من المحللين والمتابعين أن فرص ثبات وصمود الدولة الوليدة أصبحت ضئيلة، وأن ذلك يتطلب الاتفاق على برنامج سياسي لإنقاذ الدولة قبل انهيارها الوشيك. ويرى هؤلاء أن استمرار الحرب وتزايد مطالب المجتمعات الإثنية بإدارة مواردها ومناطقها، وضعف الأجهزة الأمنية، مؤشرات رئيسة بضعف الدولة وعجزها وفشلها في إدارة البلاد. ويعد الناشط المدني جون إيمانوئيل أن النتيجة النهائية لوضع البلاد الحالي هي دولة مستقلة رومانسياً وليست واقعياً. وقال إن الحرب التي تدور حالياً ستنتهي، وإن التسوية السياسية ستفضي في النهاية إلى بروز قادة سياسيين يعملون على تأمين مصالح دول الإقليم التي تورطت في الحرب الحالية. وأضاف لا يوجد استقلال وإنما الدولة الوليدة ستكون أداة ضمن أدوات العمل السياسي بين السودان وأوغندا. وتتهم المعارضة المسلحة التي يقودها رياك مشار الحكومة اليوغندية بالتورط في الخلاف السياسي والعسكري الذي يقوده رئيسه السابق سلفاكير، بينما تقول حكومة جوبا إن مشاركة مليشيات سودانية في القتال إلى جانب المعارضين دليل قاطع على دعم الخرطوم لجماعة مشار.

جونسون تحمِّل
حمَّلت هيلدا جونسون، الرئيسة المستقيلة لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان «يوناميس»، قيادات الحزب الحاكم مسؤولية تفاقم الأزمة الأخيرة التي شهدتها البلاد. وقالت جونسون، في مؤتمر صحفي عقدته، بمطار جوبا قبيل مغادرتها البلاد: لم يكن أحد منا يتوقع أن تتسع دائرة العنف والقتل والدمار بهذا الشكل. ومضت بالقول كل هذا لأن هناك مشكلة قيادة داخل حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكم. واعتبرت أن تلك الأزمة كان من الممكن تجاوزها إذا استجابت قيادات الحزب الحاكم في جنوب السودان للتحذيرات التي أطلقتها جهات عديدة -لم تحددها- قبل وقوعها بفترة. ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الحزب الحاكم في جنوب السودان على ما ذكرته المسؤولة الأممية. وفي آخر مؤتمر صحفي لها بجوبا، وجهت جونسون خطابها إلى قيادات الدولة الوليدة، قائلة: بعد عقود من التضحية والمعاناة نلتم حريتكم، عبر حق تقرير المصير والاستقلال، لكنكم سرعان ما انقلبتم على بعضكم البعض، وأهدرتم الفرص التي أمامكم. وأوضحت المسؤولة الأممية المستقيلة أن القتال الأخير أعاد جنوب السودان عقوداً للوراء، مستشهدة بحجم الدمار الكبير الذي شهدته المدن الرئيسة والقرى، إلى جانب التباعد بين المكونات الاجتماعية، الشيء الذي لم يحدث طوال مراحل تاريخ تطور جنوب السودان وشعبه.

صحيفة الإنتباهة
المثنى عبد القادر

[/JUSTIFY]
Exit mobile version