وارتباط (رابح) بالبريد جعل التلازم بينهما محبباً والتوافق سمة منحته الدقة في المواعيد والالتزام بأخلاق وأدب البريد والبرق الذي عرفه عنه منذ تأسيسه في العام (1910) الصرامة الشديدة في تنفيذ المهام من خلال اختيار الكوادر المميزة بالذكاء والفطنة وصقلهم بالتدريب لعكس الوجه المميز والمشرق للبريد.
البريد.. الخروج من رحم المعاناة!!
لم يكن البريد ابناً شرعياً للتكنولوجيا وملحقاتها التي اجتاحت العالم منذ منتصف القرن المنصرم، حيث كان ظهوره سابقاً لكل الوسائط الحديثة التي جعلت من العالم لاحقاً قرية صغيرة محددة الملامح والأبعاد، واعتمد البريد في بداية عهده بحسب ما هو معروف على الوسائل البدائية كالدواب وغيرها في توصيل الرسائل إلى الأمصار المستهدفة بالرسائل التي كانت وسيلة الاتصال الوحيدة بين الشعوب والدول كذلك. مع تقادم الزمن اتخذ البريد صيغه المعروفة، فصار أحد أهم وسائل الاتصال فعالية وكفاءة وقوية ثقة الناس فيه مما جعل البعض يرسلون عبره الأموال والنفائس على حد قول المواطن (يونس عبد اللطيف) من داخل وخارج السودان، وهذا ما كان يقوم به هو نفسه عندما كان مغترباً لأكثر من عشر سنوات في نهاية التسعينات، ولهذا كانت مهمة ساعي البريد الذي يقوم بتوصيل الرسائل إلى أصحابها تبدو عسيرة إذا لم يكن الساعي نفسه أميناً وصادقاً في تعاملاته مع الآخرين بحسب (حسن محمد رابح) الذي عمل ساعياً لنحو () عاماً ومن خلال ممارسته لمهنة الساعي صار على يقين أنها من أكثر المهنة التي تحتاج للأمانة والصدق لسبب أن الكثير من الرسائل ذات أهمية قصوى، ويجب أن تصل إلى الشخص المرسلة إليه في الوقت المحدد أو المناسب.
الساعي.. ياخ سلمني الرسائل والظروف!!
ومهنة الساعي نفسها بحسب (حسن رابح) تتطلب أن يكون ممتهنها بجانب أمانته وصدقه أن يتحلى بالرقي، وأن يكون فناناً وصاحب حس مرهف لأن مهنته تحتم عليه أن يكون أميناً على مشاعر الناس وأحاسيسهم وأسرارهم التي يبعثوا بها في الرسائل البريدية من كافة أصقاع العالم، ولذا لابد من أن تكون لديه صفات بعينها حتى ينجز الأعمال التي يتم إسنادها لَهُ.
وشدد (رابح) على أن الكثير من الرسائل التي تأتي عبر البريد العادي يعتمد وصولها إلى أصحابها على كفأة ونزاهة ساعي البريد الذي يجد نفسه في بعض الأحيان غير ملزم بوصول هذه الرسائل إلى الشخص المرسلة إليه، وكذلك غير ملزم بإرجاعها إلى مصدرها عكس ما يحدث في البريد المسجل الذي يمر بضوابط صارمة منذ إرساله وحتى تسليمه فأولاً لا يمكن تسليمه إلا بواسطة أوراق رسمية كالجاز والبطاقة وغيرها، وكذلك يمكن إعادته للجهة التي جاء منها إذا لم يتم العثور على المرسل إليه وأيضاً يمكن للجهة المرسله المطالبة بإعادته لها في أي وقت إذا لم يتم العثور على المرسل إليه. وبحسب (رابح) تتعدد وسائل إرسال البريد وتتنوع، فهنالك البريد المسجل والعادي والتبادل البريدي بين الدول، وهذا بجانب البرق الذي كان في وقت سابق جزءاً من البريد تحت اسم واحد هو البريد والبرق
اليوم التالي
خ.ي