* والمال المتوفر بكثرة.. وسيطرة البعض عليه.. والفياقة والروقة.. والأكل السمح.. الذي يجعل (الجضوم) سمان.. والكروش بارزة.. والكراديس ممتلئة.. والعنقرة زي (كبوت) العربية.. والخرطوم مدينة تنام باكراً.. لأن أهلها مفلسين.. إلا قلة في شارع النيل.. أو أولئك المتربصين بالأسوار.. بعد أنصاص الليالي.. لكل ذلك نجد الهدوء يعم المدينة.. لا سينما.. لا مسرح.. لا ملهى.. لا سهرة برئية أو غير ذلك.. وأصحاب (الثروات) الجديدة شبعوا من الحوامة في أقطار الأرض.. وزهجوا جداً من الحسابات البنكية في الخارج.. وعدها كل مرة وأخرى.. ولابد لهم أن يستريحوا داخل بلادهم.. ووسط نعيمهم المقيم.. من قصر أو مزرعة فاخرة ذات ديباج ورياش فكان لابد لهم من المثنى.. والثلاث.. والرباع.. بعيداً عن (الحاقدة) الأولى.. التي عاصرت أيام (اللدايات).. والتُّكُل.. والعواسة والقرقريبة.. ولوازمها..
* والمنزل الذي يتزاوغ من الأمطار.. فكان لابد من (سكن) هادئ مريح.. بعيداً عن (المحطة الأولى).. والخرطوم بحمد لله انتشرت فيها
الأحياء الراقية.. والمباني العالية.. والفلل الأنيقة.. خاصة في شرقها.. وشمالها الشرقي.. وعبر (جسورها) الحديثة.. حيث أحياء كافورينا
الجديدة.. والذي يضاهي ما هو موجود في كالفورنيا.. وذلك الحي الجديد.. شرق وغرب (القنطرة) في الطريق المؤدي إلى شرق النيل.. هناك حيث تحلو (الاستكانة) والتمتع بنسائم النيل الأزرق.. والخضرة.. وأوجه الغيد الحسان..
* حيث يحلو الاختفاء في الحي الذي أطلقنا عليه (حي العز وأكل الوز)..!! ظهر حي جديد يتداول الناس اسمه بالابتسام والسخرية.. (حي) اسمه حي الزوجة الثانية..أو ما نسميه بلهجتنا.. حي (المرا) التانية. وهي غالباً حسناء صغيرة السن.. مهمتها تجديد الشباب.. وتسخين الدماء التي تجري في العروق.. بعد أن تصلبت وضاق مجرى الدم فيها.. مهمتها أن تجعل الدماء تعود إلى (الجضوم) حتى تتورد من جديد.. وأن تعتني بطقم الأسنان.. وفواطر الدهب وأن تجيد الونسة السمحة.. أثناء المساج.. وبحمد لله كل شئ متوفر.. وما عليها إلا الفعل.. حتى إن لم تنتظر (رد) الفعل..؟!
* وللاحتفاء الجيد.. في حي الزوجة الثانية.. من الممكن أن يقول الرجل صاحب الثروة.. والعز وأكل الوز.. ويا حبذا لو كان (مسؤولاً)
عن مال عام.. أو مال تجنيب.. أو يعمل (جوكياً) في بنك.. (اسألوا عنهم العم صابر)؟!.. أو موظفاً في مكتب (مسؤول) أول.. أو.. أو..
يقول الرجل (للقديمة).. إنه ذاهب في مأمورية خاصة قد تستغرق منه أياماً.. وهي مأمورية سرية تتعلق بمصالح الدولة العليا.. ولا يريد
لإعلام (الشماشرة).. وأعداء الدين والوطن.. (والمشروخ) الحضاري أن يعرف عنها أحد.. خاصة عملاء الاستعمار الغربي.. والطابور الخامس.. الخ.. الخ..؟!
* ويتجه بعربته الفاخرة إلى هناك.. بعد أن يعمل فيها (حريف).. وفقري ويغير شريحة الموبايل.. ويصرف الحرس الخاص بعد أن يمنحهم مبلغاً
ينسيهم حتى أسمائهم وأين ولدوا.. ثم (يدخل) إلى مستودعه.. ليته ظافراً ومنتصراً.. وليس منتظراً رغم شوربات الحمام.. وخلاصة
الكوارع.. والسمك المدخن المستورد.. وتلك الحبوب الزرقاء الجميلة.. وقد تمضي الأيام.. وقد يزهج.. ويحاول التجديد من جديد.. وكلو بتمنو.. ولكننا في النهاية كلنا من يدفع الثمن.. من أجل رفاهية الجميع.. وأول الخاسرين هو هذا الوطن..؟!!
* ونعوذ باﻟﻠﻪ من تصلب الشرايين.. واللحم السمين.. وحركات إبليس اللعين..؟!
* رغم أن إبليس هو أول الساخرين..؟!!
صحيفة الجريدة
ع.ش