ساركوزي… لسانك حصانك !

منذ ان دخل قصر الأليزية رئيسا للجمهورية الفرنسية ووسائل الاعلام العالمية والفرنسية منها على نحو اخص تنتقد اسلوب واداء الرئيس نيكولا ساركوزي الذى تذهب بعض الصحف الفرنسية الى القول بانه اقل قامة من فرنسا ورؤسائها السابقين الذين عرفوا بالحكمة والرصانة الدبلوماسية ، بينما ساركوزى كسر الكثير من التقاليد الفرنسية الصارمة. ولعل ملابسات زواجه من المغنية و«السوبرموديل» السابقة كارلا بروني خير دليل على انه رئيس مغاير لأسلافه حيث لم يتزوج رئيس فرنسى فى قصر الأليزية.
عاد ساركوزي الى واجهات الصحف ولكن هذه المرة بسبب وصفه لعدد من زعماء العالم بأوصاف أقل ما يوصف ناطقها بأنه عديم الدبلوماسية وحسن انتقاء الالفاظ ، وتفاجأ العالم امس الاول بصحيفة (ليبيراسيون) الفرنسية وعليها الكلمات التى قالها ساركوزى فى حق رؤسا اسبانيا وامريكا والمانيا ، حيث قال ان رئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس ثاباتيرو (قد لا يكون شديد الذكاء)، أما الرئيس الأميركي باراك أوباما فـ(ضعيف)، في حين أن رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو يلمع.. (عندما يكون غائباً). أما المستشارة الألمانية انجيلا ميركل فـ(تقلدني). هكذا وزّع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أحكامه على «ليبيراسيون»، أُطلقت على مائدة غداء جمعت الرجل بنحو (02) من النواب الفرنسيين لإطلاعهم على نتائج قمة مجموعة العشرين. لكن الإليزيه نفى: «كل ذلك خاطئ. الرئيس لم يقل ذلك مطلقا».
ومهما كانت النتيجة صدقت الصحيفة الفرنسية أم كذبت فان ردود الفعل حول العالم تصاعدت وارتدت السهام على باريها فطفقت كبريات الصحف العالمية تعيد توصيف ساركوزي ، حيث قالت (الغارديان البريطانية): «عرفناه متبجحاً كثير النشاط شعبوياً»، لكنه هذه المرة «تجاوز نفسه»، فيما تنبأت «التايمز» بانتهاء «فترة شهر العسل القصيرة بين فرنسا والولايات المتحدة».
وسارعت الصحف الاسبانية والامريكية الى تسويد صحائفها بانتقادات لاذعة للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تعليقا على تصريحاته تلك التى قالت إنها تفتقر إلى اللباقة.
وانبرت صحيفة إلبايس الاسبانية للدفاع عن ثاباتيرو قائلة إن تفنيد الأليزيه لتصريحات ساركوزي ليس مقنعاً. وحتى زعيم الحزب الشعبي المعارض إستبان غونزاليس بونس عبر عن استيائه من هذه التصريحات قائلا «ثاباتيرو رئيس حكومتنا ولذلك إذا ما شن عليه هجوم، علينا أن ندافع عنه، بينما قالت (اى بى سى) الاسبانية ان تعليقات ساركوزى تؤكد أن (عقدة الفوقية لديه ليست لها حدود).
وقالت صحيفة «لا فانغوارديا» في مقال بعنوان «ساركوزي يهين ثاباتيرو»: «لا يبدو أن هذه هي أفضل وسيلة للتحضير لزيارة رسمية»، في إشارة إلى زيارة مزمعة لساركوزي إلى إسبانيا آخر هذا الشهر.
وقالت صحيفة «ذي تايمز» البريطانية إن ساركوزي يبدو أنه «منزعج من رئيس أميركي جديد لم يُجرب بعد لكن نجوميته طغت على نجومية ساركوزي كقائد عالمي يتصدى للأزمات العالمية».
و(الاندبندنت) بدورها أشارت الى ان ساركوزي الذي اشتهر بحيويته الفائقة وعدم تودده لنظرائه من القادة تفوق على نفسه هذه المرة حيث استطاع خلال وجبة غذاء واحدة ان يقلل من شأن أوباما، والتفضل على أنجيلا ميركل، واهانة خوسيه لويس ثاباتيرو.
ولكن يبقى السؤال المهم: ما الذى دفع ساركوزي الى اطلاق هذه الكلمات النارية، لاسيما والسياسيون عادة لا يطلقون مثل هذه التصريحات مجاناً، ولا يعلنون الكثير من المواقف حفاظا على شعرة الدبلوماسية والحضور المحترم على المسرح الدولى حتى وان كان اصطناعاً، ويرى بعض المراقبين ان هجوم ساركوزي على رصفائه الاوربيين والرئيس اوباما جاء كردة فعل على نتائج استطلاع للرأي أجرته مجلة «باري ماتش» الفرنسية المقربة – جداً منه، بشأن «أكثر الشخصيات شعبية»، حيث احتل الرئيس السابق، جاك شيراك، المركز الأول – بحصوله على (74) في المئة منتزعاً الصدارة من «النجمة الصاعدة» سكرتيرة الدولة لحقوق الإنسان، -راما ياد، التي حصلت على (96) في المئة متساوية مع وزير الخارجية برنار كوشنير في المرتبة الثانية- أما ساركوزي فقد نال 46 في المئة ليحل في المرتبة الـ (33) في أسفل الجدول، بينما احتل رئيس – وزرائه، فرانسوا فييون، المرتبة الـ (51).
وتبقى الحقيقة الاخرى ان ساركوزي كان يطمح الى شراكة مع اوباما من قبيل صداقة بوش وبلير ولكن اسلوب اوباما جعله بعيدا عن ساركوزي ونجوميته طغت على ساركوزي رغم حداثة وصوله الى البيت الابيض،رغم ان ساركوزي عرف نفسه لدى وصوله الاليزية بأنه صديق للولايات المتحدة وذهبت صحيفة (يو اس ايه توداي) الى الحد الذى عنونت فيه خبرها الرئيس عشية انتخاب ساركوزى بعبارة: «انتخاب رئيس مؤيد لاميركا في فرنسا» وكتبت صحيفة «واشنطن تايمز» المحافظة «وداعاً جاك شيراك ومرحبا بالرئيس الفرنسي الجديد، صديق الاميركيين»، ولكن يبدو ان صداقة ساركوزى للأمريكيين شارفت على ان تنقلب الى توتر.
محمود الدنعو :الراي العام

Exit mobile version