سناء حمد : على أعتاب المجهول

[JUSTIFY]المراقب البسيط يستطيع أن يدرك أن مثلث مصر، السودان وليبيا لا محالة سيشهد في مقبل الأيام حراكا ما لأسباب عدة أبرزها حالة الاحتقان الداخلي في مصر والإقصاء الدموي للإسلاميين واستمرار مخطط اجتثاثهم من الحياة السياسية والعامة بصورة بالغة العنف.. والعنف لا يولد إلا عنفا بحسب العبر التاريخية..

متابعة أخبار “داعش” هذه الفترة أمر مهم.. حركة على الأرض سريعة.. وإعلام كثيف وعنف مخيف.. باختصار نحن على أعتاب مرحلة مجهولة ستغير كل ما ألفناه.. العراق وسوريا يشهدان الآن تحولا غير مسبوق منذ حروب القرون الوسطى في بنية المدن والتركيبة السكانية والحدود الجغرافية والمعادلة السياسية. ويبدو أن الموجة متمددة والأرض تتحرك تحت أقدام أهلها. وبدأت دول المنطقة والدول التي ترتبط مصالحها بها تتحسس مواقع أقدامها وتراجع في حساباتها وخططها.. أين نحن من هذا الوضع؟.. وجود السودان كبلد على الهامش العربي وتخوم أفريقيا أنقذه في الماضي فهل يحالفه الحظ فينجو هذه المرة أيضا؟.. لم نكن جزءا من الحروب الصليبية ولا صراعات الممالك الإسلامية ولا خطط لورنس العرب ولا خريطة سايكس بيكو. لكن العالم الآن اختلف وأصبح قرية صغيرة.. أنى لنا أن نكون بمعزل! حالة عدم الاستقرار في ليبيا ومحاولات إزاحة الإسلاميين من المشهد السياسي فيها.. حالة الإحباط والحنق لدى مجموعات من الشباب في السودان تعتبر أن من يحكمون لا يعبرون عن كمالات الفكرة التي آمنوا بها.. الدول الثلاث يشكل المواطنون المنتمون لها بجانب السعوديين ثقلا مؤثرا بين مقاتلي هذه التيارات المتشددة وهم متواجدون في العراق وسوريا والصومال ومالي واليمن.. دعونا نفكر بصوت عال كيف نضمن أمننا واستقرارنا في ظل هذا الوضع؟.. مضى زمان الهزل.. شئنا أم أبينا.. فمعركتنا كالآخرين ستكون معركة بقاء.. أنا هنا لا أتحدث عن تيار سياسي أو فئة معينة.. الموجة الحالية تسونامي عقدي بالدرجة الأولى يقسم الناس على منهج جورج دبليو بوش.. “من ليس معنا فهو ضدنا”.. ما يجري هو إزاحة وإحلال بكل ما في المعنى.. يترفع قادته والمؤمنون به عن النظر لما يسمى بالأحزاب أو المجتمع المدني ويكفرون بكل ما تقول به النخب السياسية والثقافية المعاصرة.. بل ويتهمون حاملي تلك الأفكار بالردة الكاملة.. ويعتبرونهم نتاجا لحضارة الغرب الطاغوتية التي أقصت الإسلام واستعبدت أهله حضاريا وفكريا.. الحوار الجهير يبدأ بأن أخطاء الغرب لعبت دورا كبيرا في حالة حافة الهاوية التي يقف عندها العالم.. رغم أنفه.. فالحركة على الأرض الآن.. ستؤثر على أكبر مخزون نفطي في العالم.. “العراق، الكويت، إيران، السعودية وسوريا” وفي منطقة تتحكم في الممرات المائية الأهم على سطح الكرة.. وقرب إسرائيل.. والتي يعد الانحياز الصارخ لها جزءا من الأخطاء الكبرى.. دعم الأنظمة الفاسدة وحمايتها.. الصمت المبارك لقمع الشعوب وإعمال معايير العدالة الانتقائية والديمقراطية المزورة.. الضغط على الشعوب المسلمة وامتصاص خيراتها وإنكار حقوقها في الحياة الكريمة…إلخ.. كل ما سبق هو سياسة ممنهجة بين متخذي القرار في الغرب لا يغيرها تعاقب الأجيال ولا تعدد الأقطاب. من ناحية أخرى فشلت نماذج الحكم المحسوبة على التيار الإسلامي والتي أفرزت واقعا لا يوافق الشعارات التي رفعتها تلك التيارات والملاحظات المحبطة حول كفاءة تلك النماذج وعجزها.. جعل الأجيال الشابة تتباطأ في التفاعل معها وبسبب ما اعتبروه خللا منهجيا في الأفكار المؤسسة وسلوك القيادات من جهة وممارسة قمع اجتثاثي للوجود الإسلامي الفكري والسياسي تحت سمع وبصر العالم من جهة أخرى.. مما سبق وأسباب أخرى لا مجال لحصرها أفضى للكفر بالديمقراطية.. وشعارات حقوق الإنسان والطرق السلمية تضافرت تلك الأسباب وغيرها لتنتج أفكارا تقول إن البقاء للأقوى ولمن يملك السلاح.. سياسة نتاجها الحراك العنيف والمتطرف الراهن والذي لا شك عندي سيستمر لحين وبعده سيكون هناك واقعا جديدا.. كم سيستمر وكيف يكون ما بعده لا أدري؟.. هل بعد (داعش).. “الدولة الإسلامية في العراق والشام” يمكن أن تكون هناك دامس.. الدولة الإسلامية في مصر والسودان”.. أم أن إعلان البغدادي عن عودة دولة الخلافة.. وإعلان نفسه خليفة للمسلمين.. ونشر خارطتها التي ظهر فيها السودان مقسما بين إقليمي مصر والحبشة سيجعلنا نسمع عن عامل للخليفة لفتح هذه الأراضي وضمها للخلافة؟.. خلاصة الأمر لسنا بعيدين هذه المرة عن المتغيرات الجارية. فلننتبه ونترك سباق الحمير الذي نحن منغمسون فيه!!.

صحيفة اليوم التالي
ت.إ
[/JUSTIFY]

Exit mobile version