(الأخو المسلم أم المسلم ذاتو)

[JUSTIFY]
(الأخو المسلم أم المسلم ذاتو)

يُنسب لمولانا أمين بناني، ومولانا هذه نسبة لانتسابه إلى فضاء القانون والقضاء، يُنسب له قوله في حركة الاسلام السياسي وهو من هو في هذه الحركة التي رعته وربته منذ يفاعته، وأهّلته وارتقت به إلى أعلى المراقي، ثم حين قلبت له ظهر المجن انقلب عليها وتقلّب بين أكثر من حزب ليرسو أخيراً على سدة قيادة التحالف الوطني الاسلامي، «أن دين السودانيين وتدينهم أحسن بكثير من تدين القطاع الغالب من الحركة الاسلامية» أو كما قال مولانا بناني في حق دين وتدين أعضاء الحركة الاسلامية السودانية التي غيّرت اسمها ولافتتها أكثر من مرة من جبهة الميثاق إلى الاخوان المسلمين إلى الاتجاه الاسلامي والجبهة القومية الاسلامية ثم أخيراً الحركة الاسلامية، ولزميلنا الباشمهندس عثمان ميرغني صاحب صحيفة «التيار» الموقوفة وهو اسلامي انتسب زماناً لهذه الحركة بل كان من قياداتها الطلابية المعروفة، رأي لا يبعد كثيراً عن مقولة بناني، وباختصار عثمان يرى أن الاسلام لم يعد في حاجة لحركة أو حزب يرفعه شعاراً ولافتة يختبيء وراءها كثير مما هو غير اسلامي، والاسلام ليس في حاجة لمن يتخذه تميمة واسما، بل لمن يطبق تعاليمه السمحاء ومقاصد شريعته الغراء على الأرض ليراها الناس ويلمسوها واقعاً معاشاً، ولمولانا البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم القيادي الاخواني العتيق مقولة قديمة في هذا الصدد تكاد تطابق ما قاله أمين بناني الذي يبدو وكأنه لم يفعل أكثر من تحديث هذه المقولة «عمل ليها Updating، وغير هؤلاء هناك آخرون وآخرون من عضوية الحركة انتهوا إلى ذات الرأي خاصة بعد تجربة أكثر من عقدين في السلطة التي كشفت لهم ما لم يكن من اليسير اكتشافه قبلها.
من جانبي لا أريد قذف الحركيين من خارج الأسوار والقاء الحجارة والطوب عليهم، وإنما أريد فقط أن أحكي حكايتين بسيطتين عن سودانيين بسيطين من عامة السودانيين الذين يعتنقون الاسلام كدين فطرة، الحكاية الأولى عن «عريبي» نابه وذكي استطاع إقناع «ربعه» لمواصلة تعليمه حتى المرحلة الجامعية، في الجامعة تمكن التنظيم الاسلامي من تجنيده فأصبح أخاً مسلماً، عاد في الاجازة إلى مضارب أهله الرحل في الخلاء، كان عليه إنجاز مهمة تنظيمية كُلّف بها أثناء الاجازة وهي نشر الفكرة في أوساط أهله والاجتهاد لتجنيدهم في التنظيم، قرر أن يبدأ بأقربهم إلى نفسه ويقاربه في العمر وهو ابن عمه رفيق الصبا ومغامراته، إنفرد به وبدأ يحدثه عن حسن البنا وعن رسائله وسيد قطب وكتبه واصداراته والفكرة والرسالة وما إلى ذلك من أدبيات الاخوان حتى ملَّ صاحبه الحديث فقال له متضجراً «أها وكلامك دا نهايتو شنو»، قال «دايرك تبقى معانا أخو مسلم»، هنا هاج ابن عمه وماج وصرخ فيه «أنا المسلم ذاتو ككيف أبقى أخو مسلم». والحكاية الأخرى حدثت في عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري، لشيخ عرب كان سيداً في قومه، وكانت علاقة خاصة نشأت بين هذا الشيخ وأحد كبار تجار المدينة، وكان كلما جاء إلى المدينة نزل عنده في بيته، وفي مرة وبينما كانوا يتآنسون داخل منزل التاجر بعد تناول العشاء هجمت عليهم قوة أمنية واقتادت كل من كان بالمنزل من الرجال وأودعتهم الحراسة. شيخ العرب لم يكن يعلم أن صديقه التاجر من كبار الاخوان بالبلدة وقد تم اعتقاله معه بحسبانه منهم، كان المعتقلون أثناء الاعتقال يكثرون من قراءة القرآن، والشيخ لم يكن يحفظ غير «الحمدو وقل هو الله أحد»، بعد ثلاث ليالٍ اكتشفت السلطة أن الشيخ لا ناقة له ولا جمل في الموضوع فأطلقوا سراحه، بعد أن شم الشيخ الهواء تقمص شخصية المناضل والمجاهد الكبير وقارئ القرآن الواصل، فصار يقول لكل من يزوره «والله أنا بالحمدو وقل هو الله أحد مرقت إلا جماعتي خليتهم لسه يقروا ساكت في ياسين والبقرة وياتو ياتو من السور بدون فائدة»…
[/JUSTIFY]

بشفافية – صحيفة الصحافة
حيدر المكاشفي

Exit mobile version