وتكوين الوجدان عندهم يقوم على القبلية والطائفية في المقام الأول، حتى أنه لم يترسخ الانتماء الى المدن الكبيرة كبداية للانتماء الأكبر الى المجتمع المتكامل ذي المصالح المشتركة من ثقافة ودين ولغة وعادات وتقاليد لتشكيل الهوية القوية وتتحدد جغرافية الوطن وتظهر الدولة الراسخة.
وموضوع الهوية السودانية قد تأخر كثيراً للطرح ليتم عرضه وتشريحه للوصول لأنجع الحلول والصيغ لتفعيلها للإسراع لتشكيل وتثبيت القومية “أمة السودان” كحضارة ضاربة الجذور يمكن أن نتجاوز بها الإطار القومي والإقليمي الى العالمية، ويوجد كثير من الالتباس في مسألة الهوية، وعلى سبيل المثال لا الحصر في إثبات عدم وجود الهوية القومية، فإن كثيراً من المواطنين العاديين قد لا تجدهم يتفاعلون مع خبر احتلال أجنبي لمدينة أو قرية أو منطقة سودانية ما دام بعيداً عن قريته أو مدينته او قبيلته.
إن الدول التي بدأت في تكوينها بتكتلات كبيرة داخل مدن تقل فيها الصراعات السياسية ويقل العنف المجتمعي وتكون أسهل في القيادة المشتركة، لأنه غالباً في التكتلات الكبيرة تكون توجهاتها ومطلبها الأساسي هو الانفتاح، وتدخل الدولة نعني به المركز ليوفر لها الأمن والعدالة والمساواة، وهي مطالب مدنية للتنظيم والإدارة وهذا لا يوجد في التجمعات الصغيرة القروية بالذات التي تخشى دخول المدنية واختراق الدولة لشؤونها المتحفظة عليها.
وقد نلاحظ بوضوح عن شقيقتنا مصر أنهم ينسبون انتماءهم لمدنهم اسكندراني، ديمياطي، أسوان، بورسعيدي، سويسي، بل يعتبرون القاهرة هي مصر لأن المدينة منسجمة من المدن التي تليها فكرة الدولة. وكم هم يقدسون ويحبون بلادهم مصر الى درجة الإفراط الموصل لازدراء الغير والادعاء غير المؤسس، وقد تغني أدباؤنا وفنانونا لمصر :
مصر يا أخت بلادي يا شقيقة ** يا رياضاً عذبة النبع وريقة
مصر يا أم جمال أم صابر ** ملء روحي أنت يا أخت بلادي
ونتألم لآلامهم ونسعد لسعادتهم، والنيل يجمعنا ويتهادي صوب مصر شريان حياتنا المشتركة، وقد استردوا كامل ترابهم الوطني حتى طابا التي لا تزيد عن فندق ومعه مساحة ملعب كرة قدم، فمالكم وكيف لكم بحلايب وشلاتين وأبو رماد؟ “زيارة محافظ حلايب، الطقس في القاهرة ثم اسوانوبعده الطقس في حلايب وشلاتين” في محاولة لإعمال الملكية والسيادة، فمتى ترسلوا لنا محافظ لبورتسودان والخرطوم وعطبرة والجنينة، فنحن في الانتظار.
صحيفة الصحافة
ع.ش[/JUSTIFY]