أنا…و(الحكومة).!

[JUSTIFY]
أنا…و(الحكومة).!

ببطء شديد قمت بدفع باب المنزل..تحسست الحائط الذي يجاور الباب مباشرة حتى استند إليه وأنا في طريقي للغرفة..بعد أن كان المنزل يغرق في الظلام الدامس..خطوت أولى خطواتي بنجاح تام..قبل أن أخطئ المسار لتصطدم قدمي اليسرى بإحدى الطاولات (الغتيتة) والتى ربما وضعتها زوجتي بشكل أو بآخر، بحيث يصبح مروري عبر الصالة أشبه بعبور (حقل الغام).
(طرررراخ)..
هكذا أطلقت الطاولة صرخة عالية بعد ارتطامي بها..ليضئ البيت في ثوانٍ قليلة..وألمح زوجتي وهي تقف على السلم العلوي تنظر إلي بعينين شبه محمرتين من أثر السهر.
* كنت وين ياراجل لحدي هسي.
*ا..ا..ا..كنت مع ا..ا..أصحابي.
* والبقعدك لحدي الوقت دا شنو مع أصحابك.؟
* ياخي أنا ماكلمتك…عندنا صاحبنا مسااااافر.
* ومسافر وين إن شاء الله.
* مسافر قبرص.
* شنو…قبرص شنو ياراجل إنت قايلني ماقريت (جغرافيا) ولا شنو.
* ياولية إنتي لو مابتعرفي قبرص دي مامشكلتي…عليك الله خلينا نتفاهم الصباح في الحصة دي..ا..أقصد في الموضوع دا.
* سمح…أمشي نوم…(تنوم السهر).
هكذا أغلقت زوجتي باب النقاش، وهي دائماً تعاملني بتلك (الحنية) المبالغ فيها، حتى أنني قررت ألا أتزوج عليها أبداً، ليس لأنني أحبها، ولكن لأنها (كرهتني النسوان ذاتو).!
في صباح اليوم التالي استيقظت على هزة عنيفة ظننتها للوهلة الأولى بوادر زلزال قادم، لأتفاجأ بأنها أصابع زوجتي التي كانت تلكزني للنهوض، لأفتح عيناي وأتطلع لها قبل أن أغمغم باستياء:
* أصبحنا وأصبح الملك لله.
* مالك…شفت ليك (شيطان) ياراجل.
* العفو ياخي…معقولة إنتي يشبهوك بـ(الشيطان)…لأضيف في سري: (والله الشيطان هو المفروض يزعل).
* قلت لي أمبارح كنت وين..؟
* إنتي يامرة شغالة في (التحري)…ماقلت ليك كنت في حفلة وداع واحد صاحبنا مسافر دمشق.
* غريبة…بس إنت أمبارح قلت لي قبرص.
* أي..أي..صاح..بس ماكنت مركز.
* شوف ياراجل..من الليلة وإنت ماشي..دخول للبيت بعد الساعة حداشر مافي…حفلات مع أصحابك مافي…تلفونات بعد تسعة مافي…ولو إنت راجل صحي…كدي كسر كلامي دا..!!!

جدعة: خرجت من المنزل في طريقي للعمل، (وأنا ألعن أبو اليوم القعدني في الكوشة)، توقفت على الطريق في انتظار المواصلات، في تلك اللحظة قال لي أحد جيراني في الحي بلزاجة غير مبررة: (عليك الله الحكومة دي مابتبالغ…تحول موقف المواصلات ساااااكت كدا…لا تكلم زول..ولا تقول بغم)، أصدقكم القول إنني كنت أريد الرد على ذلك اللزج، لكني توقفت في آخر لحظة، ورسمت ابتسامة على وجهي وأنا أقول في استياء: (كان بقت على الحكومة دي هينة يا أخوي..الكلام الحكومة التانية).! شربكة أخيرة: إنتو صحي…الراجل بسمى مرتو (الحكومة) ليه..؟؟
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني

Exit mobile version