نزوات المستعمرين (2ــ2)

نزوات المستعمرين (2ــ2)
معظم الراقصات و الغوازي كنّ يسكنّ في حي سلامة الباشا اي المنطقة الصناعية جنوب غرب كبري الحرية اليوم او في حي الترس و هو مكان قاعة الصداقة الان خلي بالك ..

عندما اكتشف المسؤلون ان هذه المناسبات المتباعدة لا تشفي غليلهم ابتكروا اعيادا مثل اعتلاء الخديوي للعرش حيث تضاء الخرطوم لمدة ثلاثة ايام بالفوانيس و الرتاين و في كل مساء تُقام مآدب العشاء في بيوت المسؤولين حيث تحضر اليها الراقصات و المريدين و تمتلئ البطون باللحوم و الصحائف بالذنوب …

عند ثبوت رؤية هلال رمضان تخرج البلد كلها في موكب يتقدمه الحكمدار و اصحاب الرتب علي صهوات الجياد تخفق فوقهم اعلام بلادهم و خلف ذلك يمشي اصحاب الطرق الصوفية يحملون البيارق التي تدل علي الطريقة و في نهاية المسيرة حيث العجاج و الظلام تسير النساء في معية الاطفال …كانت موسيقي القرب التي يعزفها الجيش تحيط بالركب الامامي و تعزف مختلف الالحان و بعد كل هذا الجهد تجد ان الصائمين هم منسوبو الطرق الصوفية و ناس قدام ديلاك فاطريييييين!!

عقب كل احتفال مما سلف ذكره تجد ان الناس في صبيحة اليوم التالي ينزلون الي البحر للاستحمام رجالا و نساء و يملاون السعون و القرب من ماء النيل اللهم الا اذا اليوم اربعاء لانهم كانوا يتشاءمون من يوم الاربعاء سيما تلك التي تقع في اخر الشهر اما تلك التي في اخر العام فكان الناس يقضونها في بيوتهم خوفا من كارثة قادمة نتيجة تشاؤم ..عندما امر غردون بتحرير الرقيق في سبعينات القرن التاسع عشر سمح لهم بعصيان اسيادهم و الجراة عليهم بل حرضهم علي الرقص بالدفوف امام المساجد و زوايا الطرق الصوفية و امر النساء بالطواف شبه عاريات لافساد خشوع العبّاد لدرجة ان جريدة الاهرام في عام 1896 نشرت مقالا للشيخ علي عبد لله امير الطريقة القادرية يشتكي فيه المنحلين و الفاسقات الذين يرقصون امام زاويته فرد عليه غردون بخطاب غاية في البذاءة احجمت الاهرام عن نشره و انا زاتي ما حاقدر انشره….يُخيل اليّ ان ذلك الشيخ كان لسان حاله يتمثل في قصيدة نزار قباني التي يقول فيها :

هل تعرفون من انا؟

مواطن يسكن في دولة (قمعستان)

و هذه الدولة ليست نكتة مصرية

او صورة منقولة من كتب البديع و الزمان

فارض قمعستان جاء ذكرها في معجم البلدان

و ان من اهم صادراتها

حقائب جلدية مصنوعة من جسد الإنسان

الكاتب : فتح العليم عبد الله
صحيفة الرأي العام

Exit mobile version