تلقيت بريداً إلكترونياً عبر عنواني يدعو صاحبه إلى مقاطعة الصحف اليومية حتى ترضخ لتخفيض الاسعار وصاحب الإعلان قال بأن على القراء مطالعة نفس المواضيع في الإنترنت وبالتالي تخسر الصحف فتعود إلى القيمة القديمة.. ويدعو إلى شراء الصحف التي ترفع سعرها، وفي نفس اليوم استمعت لإذاعة القوات المسلحة وكان عدد من الشباب والشابات يناقشون نفس الموضوع وفيهم عدد من الموضوعيين والمنطقيين الذين تناولوا الموضوع بواقعية وحللوه.
أهم ما في الأمر بالنسبة لي أن الشخص الذي لحقت به الخسارة هو المواطن المسكين الذي لا يملك المال الكافي لشراء الصحيفة بعد اليوم وفي الوقت نفسه ليس له فرصة مطالعة الانترنت. وإذا افترضنا أن المواطن عمل بمقترح من يرون ان النت كاف فهل يكفيه ساعة واحدة في قهوة نت لمطالعة كل الصحف؟ امر آخر لاحظته في قهاوي النت وهي بطء الاجهزة المستخدمة فمن الصعب ان تحصل على معلومات خلال فترة ساعة واحدة وتضاف إلى ذلك قيمة طباعة الورقة بعد ذلك.. وكم هم عدد الذين يمكنهم التعامل مع الانترنت وكم نسبتهم؟ إنهم نسبة ضئيلة لا تساوى شيئاً بالنسبة للذين يستخدمون الصحف الورقية.
المهم إن ملاك الصحف إرتقوا نفس الدرجة والمعاملة التي تقوم بها الحكومة تجاه المواطن، وبقوا ثابتين على سياسة الأمر الواقع.
إن كان هناك راي فهو أن الأخبار نعم متوفرة في كل الأماكن خاصة في زمن الإذاعات والفضائيات، لأن هروب المواطن للصحف ليس بسبب الأخبار إنما بسبب التحليلات والمقالات التي لا يوفرها له التلفزيون القومي وكذلك لا تتوفرفي إذاعة امدرمان فهل تصمد الصحف التي لا تغير من نفس عبارات الإشادة والمديح للحكومة دون غيرها أمام زهج القارئ؟.
نسيت شيئاً مهماً جداً بالنسبة لأنصار قراءة الصحف عبر النت فالساعة الواحدة تكلف جنيهين فهل هناك مقدرة للفرد يومياً هذا المبلغ واقل زمن متاح هو نصف ساعة؟.
أسوأ ما في الأمر أن البلاد تتجه نحو قتل موهبة القراءة في الراغبين وزرع روح الإستماع والمشاهدة فقط، وهذه الروح الجديدة من سلبياتها حسب رأيي هو الحصول على المعلومات دون تعلم الكتابة والقراءة، ولاحظوا اغلب طلاب هذا الزمان تجدهم في الجامعات او خريجين وغير قادرين على الكتابة الصحيحة.. وأهم من هذا كله فالكتب في المعارض التي يعلن عنها غالية الثمن. وكاتب هذه السطور حاول دخول إحدى المعارض المعلنة هذه الايام بالخرطوم فكانت الاسعار التي وجدتها مرتفعة جداً.. وهنا اتفق مع راي احد الشباب الذي تحدث في راديو القوات المسلحة بان على الدولة توفير مكتبات عامة وتوفير كتب للمطالعة والقراءة.[/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1146- 2009-1-22