يفيد تقرير نشرته هيئة علمية متخصصة، بأن نصف سكان العالم العربي يعانون من العباطة والبلاهة وقلة العقل والبلادة والهبل، ولا أدري ما إذا كان هذا الكلام يشملني أيضا؛ لأنني محسوب على العرب رغم انتمائي إلى أقلية عرقية غير عربية، في بلد صدَّق قادته «حالهم»، وضموه إلى الجامعة العربية «الابتدائية»،.. يقول التقرير الصادر عن إحصائية للمركز المصري للبحوث الجنائية ان العرب ينفقون 7 مليارات من الدولارات على السحر سنويا (هذا المبلغ لا يشمل ما يتم انفاقه على السحر والفتنة في أماكن مثل تايلند والبلاد التي تشتهر بالهشك بشك)، وأن هناك دجّالاً مقابل كل مواطن عربي، وبالتالي فإن حديثي عن أن نصف سكان العالم العربي يستحقون النعوت التي أطلقتها عليهم أعلاه، حديث سليم ومدعوم بالإحصاءات،.. يقول التقرير إن معظم من يلجأون إلى السحرة والمشعوذين من النساء، ويكون ذلك في غالب الأحوال بهدف «تكتيف» رجل بغرض الزواج او بغرض منع عين الزوج من الزوغان كده وللا كده، أو بحثا عن السعادة أو الذرية، وبالمقابل فإن الرجال يلجأون إلى السحرة طلبا للمال، ورغم انه لا يكاد يمر شهر دون كشف النقاب عن أن خبراء في شؤون تحويل مناديل الورق إلى دولارات ضحكوا على فلان أو علان وسلبوه الملايين او مئات الآلاف، إلا أن العديد من الرجال تسيل ريالتهم لمجرد الوعد بتحويل الخمسين ألف دولار إلى خمسمائة ألف دولار، أو خمسة ملايين، ولا يسأل هؤلاء البلهاء أنفسهم: ما مصلحة شخص ما في جعلهم مليونيرات؟ هل يفعل ذلك لوجه الله؟ طبعا لا،.. طيب إذا كان يفعل ذلك مقابل مبلغ معين ولو رمزي لماذا لا يسأل البلهاء من طالبي الثراء عن طريق السحر أنفسهم: إذا كان الساحر قادرا فعلا على مضاعفة قيمة مبلغ من المال عدة مرات فلماذا لا ينفع نفسه ويصبح مليارديرا بدلا من أخذ «أتعاب» نظير مجهوداته تلك؟ في دولة الإمارات وحدها بلغت كلفة جرائم السحر المادية مليار وتسعمائة مليون درهم.. يعني هذا المبلغ دخل جيوب بلطجية يبيعون الوهم. قرأت كثيرا عن عصابات من نيجيريا تطلب من هذا وذاك أن يسمح لشخصية معروفة (غالبا من الحكام السابقين وأسرة الديكتاتور النيجيري الراحل ساني أباشا، الذي مات نتيجة تناوله جرعة زائدة من الفياغرا بعد أن أحضروا له ثلاث عاهرات هنديات، فقرر أن يعدِل بينهن) المهم تقترح العصابة إيداع مبلغ كبير في حساب هذا او ذاك، نظير عمولة كبيرة بزعم ان تلك الشخصية لا تستطيع تهريب ثروتها الضخمة إلا بالاستفادة من حسابات آخرين في البنوك،.. وجاءتني رسائل كثيرة من تلك الشاكلة، فأرسلت مرة الرد: هل تريدون رقم حساباتي في جزر البهاما أم سنغافورة؟ فانفتحت شهيتهم وقالوا: نفضل أن يكون حساباً في بنك أوربي، فقلت لهم: أوكي، عندي حساب في بنك في طاجكستان؟ فاعتبروني عبيطا وسألوني ما إذا كنت املك حسابا في بنك في أوربا الغربية، فقلت لهم: «شور» بالتأكيد.. عندي حساب بالدولار الصومالي في قبرص.. وقلت لهم ان لدينا خادمة تجيد الكي والغسيل، واقترحت عليهم ان نجعلها شريكة لنا في عملية غسل الأموال.. ولم أسمع منهم أو عنهم بعد ذلك.. طبعا المسألة لا تتعلق بغسل الأموال، بل بالحصول على تفاصيل حساباتي المصرفية ليشفطوا منها بالريموت كونترول.. ولكنني ندمت على الاستخفاف بهم: ربما لو عرفوا حجم أرصدتي البنكية لَرَقّت قلوبهم وتبرعوا لي بمبلغ من المال المغسول.
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]