٭ مازال الناس في حيرة من أمرهم يستيقظون كل يوم ليجدوا الأسعار تلهث ونفسها قائم.. أصحاب الوجعة حاولوا معرفة من الذي يطاردها ولم يجدوه حتى الآن بل اتسعت دائرة مطاردته وشملت كل شيء من الفحم مافي فحم بخمسة جنيهات والخضار البامية الكيلو 52 جنيها، الكوسة 02، البطاطس 11 جنيها .. القرع 8 جنيهات.. الاسود 8 جنيهات، العجورة 8 جنيهات – أما اللبن فحكايته حكاية. اللبن في السودان بلد الثروة الحيوانية الرطل 5ر3.. والبن والشاي والصابون والزيت.. كل شيء مطارد الى جانب الخبز.. فأصحاب المخابز يقولون إنها أسعار الدقيق وجهات أخرى تقول ليست هناك زيادة في أسعار الخبز من أصله دائماً الذي جد ان أن تعدلت الاوزان فهناك زنة 07 جراما وزنة 001 جرام.. أما الحكومة والبرلمان ووزير المالية ملخوم برفع الدعم عن المحروقات وسلع أخرى.
٭ قالت لي في غضب صاخب.. انها لم تعد تثق في التجار فكلهم يغلب عليهم حب المكسب حد الجشع لأنها وقعت ضحية لتاجر يثق فيه الناس ويصفونه بالتقوى والأمانة بينما هو يجلب السلع الفاسدة.. اللبن المنتهية مدة صلاحيته والمعلبات والاجبان والحلويات وحتى الرز والعدس..
٭ قلت لها لا تدعي الثقة تذهب عنك مرة واحدة فبالرغم من كثرة النماذج السالبة وظلام السوق واختلال الامور وسياسة التحرير العرجاء وفشل الحكومة المطلق في احتواء آثارها المدمرة التي ذهبت براحة وهناء الناس.. واتخاذ الدين الاسلامي ستاراً لممارسات يحاربها ويحرمها الدين وبالرغم من كل هذا فهناك بؤر الضوء.. هناك التجار الأمناء الانقياء الاتقياء الوطنيون الذين لا يعرفون الكذب والغش ولا اللهث وراء المكسب اللامشروع. الذين يتدثرون بأردية الدين الحق ويخدمونه ويخدمون الدنيا بالامانة والنزاهة.. بل هم الذين يستحصبون قيم التراث عند التجار المسلمين.
٭ احد هؤلاء التجار حكى لي حكاية أسوقها الى محدثتي والى قراء صدى.
٭ يروي الإمام الغزالي عن محمد بن المندكر وكان تاجر أقمشة أنه كانت له قطع بعضها بخمسة دراهم وبعضها بعشرة فباع غلامه وهو غائب عن الدكان قطعة بعشرة وهى من ذات الخمسة، فلما عاد ابن المندكر وعرف ذلك لم يزل يبحث عن المشتري طوال النهار حتى وجده فقال له إن الغلام قد باع لك ما يساوي خمسة بعشرة.فقال المشتري يا هذا قد رضيت فقال ابن المندكر وإن رضيت فإننا لا نرضى لك الا ما نرضاه لانفسنا، فرد عليه ابن المندكر خمسة دراهم.
٭ ورواية أخرى عن يونس بن عبيد إذ كان عنده حلل مختلفة الاثمان بعضها باربعمائة درهم وبعضها بمائتين فذهب الى الصلاة وترك ابن أخيه في الدكان فجاء اعرابي وطلب حلة بأربعمائة فعرض عليه الغلام من ذات المائتين فاستحسنها الاعرابي واشتراها بأربعمائة وذهب بها وهى على يديه، فاستقبله يونس بن عبيد فعرف حلته فقال للاعرابي بكم اشتريت؟ قال الاعرابي بأربعمائة قال يونس إنها لا تساوي
أكثر من مائتين، فارجع حتى تردها.. قال الاعرابي هذه تساوي في بلادنا خمسمائة وأنا ارتضيتها، فقال له يونس انصرف معي فإن النصح في الدين خير من الدنيا وما فيها. فعاد الى الدكان واعطاه يونس مائتي درهم وخاصم ابن أخيه، وقال له أما تتقي الله تربح مثل الثمن وتترك النصح لمسلمين؟ فقال الغلام والله يا عم ما أخذها إلا وهو راضٍ. فقال يونس فهلا رضيت له بما لا ترضاه لنفسك؟.
٭ قالت لي محدثتي انك تفلقين وتداوين، ألم توافقيني بأن أمر التجار والأسعار والسوق اصبح لا يطاق، وألم تؤكدي ان الاسعار لاهثة والناس حيارى يبحثون عمن يطاردها؟. قلت لها هذا صحيح الاسعار تلهث وترتفع كل يوم والذي يطاردها ويلسع ظهرها بالسياسات هى السياسات.. سياسات التحرير وجشع البعض، ولكن مهما تنكبت السياسات ومهما زاد عدد الجشعين هناك يرقد الأمل. هناك يكون الضوء ولذا خفت عليك من تعميم الحكم فالتعميم يغطي على بؤر الضوء ويعم الظلام.. وهناك دائماً أمل وهذا ما يجعلني اطرق ذات الموضوع محاربة سياسات التحرير ومعارضة رفع الدعم، بل بإعادة دعم الدواء والخبز ومجانية التعليم.
صدي – صحيفة الصحافة
أمال عباس