عوض جادين (سونا)وكالة دولة وليس حزب..الإعلام ليس السلطة الرابعة وإنما الأولى

[JUSTIFY]كان في انتظارنا ونحن ندلف إلى مكتبه الفسيح الفخم، كوبان من عصير الكركدي، ربما تكون هذه إحدى الرسائل التي تسري في مؤسسات الدولة؛ مقاطعة المنتجات المعادية للمشروعات الإسلامية والأنظمة، ورد فعل على النيران الموجهة من قبل الإعلام الغربي.. بالمقابل تيبدو فشل تنقيح تجربة تكابد عناء الوقوف على ساق وطنية، وبمشروع عليه جدل داخلي وخارجي.. في الخارج تجري نقاشات ساخنة عن الإعلام الرسمي.. وكالة الأنباء الوطنية الوحيدة في البلاد تجيء في المقدمة، في الحقيقة لا تبدو سونا في كامل استعدادها لهجمات مضادة، ولا القدرة على تحقيق الطفرة، نقل الخبر الموازي، وكالات وطنية أخرى تمتلك القدرة على تغيير الأنظمة، وإعلام حكومة الإنقاذ لا يستطيع حتى إبراز صورتها الزاهية وهي تبني الجسور وتعبد الطرق، وتبدو في أخيلة البعض ملاكا نادرا. مدير وكالة سونا والقيادي الإعلامي الإسلامي عوض جادين زرناه في معرض انعقاد مؤتمر الإعلام الثاني للوقوف على راهن لا يحتاج لكثير تمحيص..

* لنجعل من مؤتمر الإعلام الثاني موضوعا مفتاحيا لهذا الحوار.. أستاذ جادين ستنعقد ورش وسمنارات ومؤتمرات كيف تنظرون للمحصلة ابتداء؟.. لسونا وللإعلام بصورة عامة؟

– هو شيء إيجابي أن تفكر الحكومة في مؤتمر ثان لقضايا الإعلام بعد ربع قرن، في ظل متغيرات كبيرة في مجال الإعلام، وسؤال المستقبل مطروح في العملية الإعلامية، وكان من المفترض أن ينعقد أكثر من مؤتمر لأن المتغيرات كبيرة وحقيقية وجذرية والمؤسسات الإعلامية في البلاد تحتاج لمعالجات تنظيمية وتشريعية، والمؤتمر يأخذ بوجهات نظر مختلفة تبين الحقيقة أكثر والحلول بدلا من التخفي وراء الشعارات.

* المطلع على ورقتك المقدمة في ورشة الإعلام الرسمي عن وكالة سونا يلاحظ أنها أشرت لاستجلاب إدارتها لعدد من المعدات الضخمة والكبيرة إلا أن الناظر لواقع الأداء في سونا لا يرى أنها تحقق الطفرة مقارنة مع وكالات أخرى؟

– هذه بالطبع واحدة من المشكلات وتسبب فيها الوضع الذي يعايشه الإعلام من ناحية تنظيمية وتشريعية، صحيح نحن استجلبنا معدات للوكالة لكن هنالك اختلالا كبيرا، من يصدق أن تقوم الحكومة باستجلاب أجهزة بملايين الدولارات ولا تقوم بتوظيف من يعمل عليها؟، فالتوظيف في سونا موقوف منذ عقدين من الزمان وممنوع ولم ترصد اعتمادات للتعيين بأي صيغة من الصيغ، لذلك توضع المعدات في المخازن ومعروف أن المعدات التقنية في هذا الزمان تتقادم بسرعة لأن التطور سريع وما لم تستخدم خلال مدتها المعينة تفقد قيمتها الفنية، ولو كانت لسونا استقلالية ومرونة في التشريع واللوائح ما كانت هذه المعدات تحفظ في المخازن وكانت ستنزل إلى ميدان العمل فورا، لكن سونا تعاني من قيود قانونية ولائحية لا تتناسب مع طبيعتها الإعلامية، لذلك لابد من إعادة النظر في طريقة عمل المؤسسات الإعلامية والتوظيف فيها لأنه عطل الكثير من الأداء.

* هل هذا تأكيد لحديث ظل يلازم الوكالة بأنها شاخت وأصبحت عاجزة عن العمل والأداء كما ظل هذا الحديث يتردد حتى من جانبك أنت مدير سونا؟

– أنا تحدثت بوضوح عن قوة العمل وأهم عنصر فيه المورد البشري وقلت إن فيه اختلالات وعدم توازن في مكوناته، مثلا كالعادة الكادر الصحفي يمثل في الوكالات (75%) لكن في سونا أقل من (40%) والوظائف المساندة طاغية عليها، ثانيا هنالك اختلال سني فالموظفون في سونا ممن تزيد أعمارهم عن (45) عاما يشكلون غالبية بنسبة (70%) بينما يشكل من هم في سن الـ(35) اقل من (5%) وهم الأقدر فرصة للعمل والأداء والحاجة إليه لاستخدام التقنية أكبر، وبين يدي الآن فرصة للتدريب للهند شرطها الأساسي أن لا تزيد السن عن (45) عاما وبذلك فقدنا الفرصة، هذا يقودنا إلى أن سونا في حاجة لتعيين كوادر ليس بمداخل الخدمة وإنما في مستويات الهيكل المختلفة لأن فيه فراغات ولنتمكن من المعالجة الجذرية، أيضا هنالك اختلال ثاني من ناحية الجندر، الآن العنصر النسوي مقارنة بالرجالي (40%-60%) هذا محتاج لمعالجة ليس لأن المرأة لا تعمل بل لأن هنالك طبائع عمل لا تنفع فيها المرأة وهي من حددت ذلك، وهذا ليس رأيا في المرأة فأنا لدي رئيسات لثلاثة قطاعات والمرأة لديها وضعية في الوظائف القيادية لكن في الورديات اليومية والسفر الداخلي والخارجي تحتاج لمراجعات، وإذا حدث نقص للعنصر النسوي فأيضا يعتبر خللا فالحديث عن قوة العمل وليس المرأة.

* إذاً، أستاذ جادين هل نتوقع أن تقوم سونا بتجديد ثوبها وتسريح كادرها لصالح كادر جديد أكثر شبابا خاصة وأن توصية من سونا تطالب بفتح التعيين على أساس التعاقد؟

– في الأصل هناك نقص كمي في وظائف سونا فالهيكل المصدق في العام (1997) ناقص بنسبة (50%)، وحدث لأن سونا لم تعين موظفين لمدة (20) عاما وفقد الهيكل الوظائف لأسباب مختلفة كالوفاة والتقاعد، ونحن الآن في حاجة لشروط خدمة محسنة وأفضل طريقة هو أسلوب التعاقد لوضع كل إنسان في مكانه.

* هناك أيضا ما تسمونها بالمرحلة الثانية لتطورات الوكالة لكن الظاهر أنها لم تجد حظها من التطبيق في إطار التمرحلات العادية، ما هي الأسباب وراء تعذر تنفيذها؟

– طبعا أهم جانب في عمل الوكالات ميزة الانتشار، نحن في خطتنا العمل في كل إشمال العمل الإعلامي (فيديو جرافيك) وبدأنا الربط بثلاث مراحل تحتوي على (300) محطة قادرة على النقل بكل الوسائط، استبدلنا (96) محطة تم تمويل المرحلة الأولى ولم تمول المرحلتين الثانية والثالثة والشبكة لا تعمل إلا مع بعضها البعض والآن الأقمار موجودة في كل ولايات السودان.

* الكلام دا من متين؟

– من (2010) وتوقعنا أن تعمل بالكامل في (2011)..

* طيب والآن الإشكال شنو؟

– الإشكال تمويل.

* ما هو؟

للأسف بعد انفصال الجنوب حدثت إشكالية في الاقتصاد والأسبقيات تغيرت مع إنو توجيه المالية تكملة المشروعات البادئة.

* ولماذا لم يتم الصرف على سونا حينما كانت الميزانية مستقرة؟

– الحكومة بدأت ولكن لم تكمل، ومنها تأهيل المبنى الحالي وشراء كاميرات حديثة..

* هل أنت راض عن الحكومة في ما يختص بتمويل سونا؟

– لا.. لا.. لا أنا شايف في تقصير كبير في سونا من جميع النواحي من ناحية مالية وضعها متدن ومفروض تكون أعلى ميزانية لأنها تغذي كل الوسائل الأخرى، الشيء الثاني شروط الخدمة متدنية مما أحدث هجرة وهياكل قديمة لها (17) عاما، سونا الآن تعمل بأمر تأسيس تحت قانون الهيئات ونحن نطالب بأن تصدر بقانون كهيئة خاصة..

* دعنا ندلف إلى ملف آخر؛ أستاذ عوض هل توافق مقولة إن الإنقاذ تجربة ناجحة لكن إعلامها فاشل؟

– والله شوف.. الإعلام أقل من طموحاتنا بكثير، فالسودان دولة كبيرة ومواردها كبيرة والإعلام الفيها لا يشبهها ومفروض يكون أكبر من ذلك بكثير والصرف عليه من الدولة يفترض أن يكون أعلى من الآن ولو قصرنا في المراحل السابقة، يجب أن نتدارك الآن لأن الإعلام الآن هو ليس السلطة الرابعة وإنما السلطة الأولى وهذه قناعتي وهو حديث منسوب للرئيس الروسي بوتين في مؤتمر القمة الثانية لوسائل الإعلام وقال بالحرف الواحد “الإعلام هو الذي يوجه السياسة العالمية”، وأيضا الرئيس عمر البشير قال “الناس على دين إعلامهم” تاني الباقي شنو، ومفروض أي جهة تفكر في بناء أي مشروع أن تفكر أولا في الإعلام وترصد له ميزانيات تتواءم مع عمله مش يرصدوا ميزانيات لأي شيء وينسوا الإعلام، السودان لن ينجح كدولة ما لم يهتم بالإعلام، في بنائه الداخلي وعلاقاته الخارجية..

* الحكومة الآن تعاني من إشكاليات في الخطاب الإعلامي وضبطه، كيف يمكن لسونا أن تنجح في توحيد وضبط الخطاب الإعلامي للدولة والحكومة؟

– نحن اقترحنا إنشاء شبكة تربط المؤسسات الحكومية بالمركز والولايات بمعلومات صحيحة وحديثة باستمرار تخرج منها لسونا لتضعها في القالب الإخباري، فواحد من ضوابط الخطاب الإعلامي لسونا أن تتمكن من الارتباط بكل مرافق الدولة المهمة عبر شبكة مثلا في مصر هناك شبكة معلومات تصب في جهة واحدة وبعدها تتيحها لكل المتعاملين في المعلومات، ومن المفترض أن أي جهة تبحث عن المعلومات تذهب لسونا من أحزاب ومنظمات وأخبار السودان وتكون هي المرجع، وإذا تم ذلك فإن المؤسسات الإعلامية الوطنية يمكنها..

* الآن كثر الناطقون الرسميون؟

– هذا كله بعد الشبكة لن تكون هنالك إشكالية ويمكن للناطق الرسمي أن يستمد معلوماته من سونا لو أنها ظلت مربوطة بالمؤسسات ويمكن أن يتحدث باطمئنان بلا تناقض والدول المحترمة تفعل ذلك والإنسان ولد بلسان واحد.

* لكن حتى سونا اضطرت لنفي أخبار وردت في موقعها؟

– النفي ليس من سونا وإنما من المصدر.

* ذكرت معلومات أن الأحزاب بإمكانها أن تتحصل على المعلومات من سونا لكن الظاهر أنكم تعبرون عن سياسات وتوجهات الحزب الحاكم فقط؟

– نحن نعبر عن كل السودان، وتأكيدا لذلك نحن الآن نطالب بأن نكون جهة مستقلة حتى نأخذ مصداقية ونكون قيمتها عند الكل وتقف في مسافة واحدة من الجميع، فسونا وكالة دولة وليس حزب أو حكومة، ولو بنينا مثل هذا النوع من العلاقة مع مكونات الدولة كلها فإن أول ما يتبادر للمصادر أن تمنح المعلومة لسونا.

* برأيك هل ستصبح سونا جهة مستقلة فعلاً.

– أنا لو ما متوقع ما بقول.

* معناها عندك ضوء أخضر؟

– ليس ضوءا أخضر وإنما لا يوجد بديل والدولة ما حتمشي لقدام إذا لم تضع الإعلام في مكانه الطبيعي وليس لها بديل غير ذلك..

* طيب كيف تقيم وضع الحريات الإعلامية الآن؟

– الحريات ماشة متطورة ونطالب بالمزيد ومفروض ما تكون في أي قيود والقيد يجب أن يأتي من الصحفي نفسه ولو لم يعرف الجهة المتضررة تذهب به للقضاء ولو أخطأ يتحمل مسؤوليته أمام الجهات العدلية “لكن مافي جهة غيرها تسأله” والحرية تعلم المسؤولية، ولو توفرت المعلومات فلماذا يتحدث الناس بالإشاعات، لذلك فإن توفر المعلومة تغلق المنافذ على الإشاعة، وربنا بكل عظمته قال “لا إكراه في الدين” تاني منو البكره الناس لذلك ما من حق أي جهة أن تكره زول.

* برأيك هل ستبقى سونا أم هنالك بديل لها؟

– لا بديل لسونا إلا سونا.

* وحتى ما تتناقله المجالس عن حل سونا واستبدالها بجسم آخر؟

– الحقيقة أن الدور القادم سيكون للوكالات الوطنية لأن العالمية تتجه لتوزيع الأخبار والمعادلة انقلبت لأننا الآن نمتلك الخبر نفاوض على بيعه فليس هنالك سبب للتخلي عن سونا بل الإبقاء عليها.

* صورة السودان الآن مهتزة في العالم، ومرتبطة بالحروب.. ما تعليقك على هذا الحديث؟

– نماذج اهتزاز الصورة مرتبط بحادثات صغيرة تنتقل في ظل تكاثر وسرعة الميديا، وحادثات مثل المرأة التي تم جلدها وبنطلون لبنى والآن قضية مريم، والقصة أيضا لها وجه آخر في نماذج الراعي وفوز للشاعرة روضة الحاج، لذلك يجب أن نخاف على صورتنا ونتحرى كذلك أن نضع كل أفعالنا أمام المرآة قبل أن ننقلها للإعلام.

* هذا الحديث يقودنا لأوضاع مكاتب سونا للخارج؟

– سابقا كانت هناك مكاتب لسونا في الخارج، ثم مؤخرا جاءت إدارة جديدة للإعلام الخارجي، وأنا في تقديري هذا لم يكن صحيحا وكان يجب أن تحتفظ سونا بمكاتبها وتنشأ الإدارة الجديدة، لكن عموما سونا ووزارة الخارجية العلاقة بينهما كبيرة.

حسن محمد على: صحيفة اليوم التالي
ي.ع

[/JUSTIFY]
Exit mobile version