يا ليت هذا الكون كله نساء

يا ليت هذا الكون كله نساء
يا ليت هذا الكون كله نساء
يا ليته الزمان فيضه أنوثة
ورقة عذوبة وكبرياء
يا ليتنا طلعنا من ضلوعها
ومن جداول الحنين عندها
ومن أريج نبضها
وحسنها الذي يموج بالعطاء
فكلما تشعبت دروبنا شقاوة
وكلما تمدد العناء
نعود في حضورها طفولة
نجيء مثلما خرجنا أبرياء
كأننا بكفها أزاهراً كأننا جدائلاً
بقلبها نظل أتقياء
جميلة هي الحياة قربها
وحولها وبينها وفي عيونها
فصوتها صفاء
وصمتها مقاطعاً من النشيد
همسها ازدهاء
وحضنها العظيم قصة من الهوى
تجلجل السماء
فصولها رواية تفيض بالجوى
وعالم يؤج بالإباء
يا ليتني وليتهم وليتنا
نذوب في رحيقها تهجداً
من لحظ فجرنا لآخر المساء
نصلي في انتظارها
الصبح حاضراً
والعصر مغرباً
والظهر بالعشاء
فكلها الحياة في حضورها صلاة
وكله الزمان في وجودها بهاء
وكل هذه البحار قطرة بعمقها
والليل والنهار والفضاء
مواسماً من الربيع
روضة من الخريف صيفها شتاء
وكلنا جميعنا
قصائداً كواكباً جزائراً وأبحراً شواطئاً
بسحرها سواء
نهيم خاشعين خاضعين قانطين
لا روّية ولا ارتواء
فهذه النجوم كلها
والبدر والشهاب والسحاب والندى
وكل ما يدور في الوريد من دماء
متيم بها
بأحرف ترن في غياهب النهى
فـ(نونها) نقاء
و(سينها) سماحة
و(واوها) وفاء
و(تاؤها) توهجاً وسندساً وماء
حواء دونك الحقول لاغية
والشمس والتلال والهواء
والصدر غير عطرك الجميل ذابلٌ
والعمر دون قربك انتهاء
فإن أتت حبيبتي هنا
الدهر كله أتى والخير كله أفاء
والصبر والجراح والأسى
تساقطت وجوههم وهاجر الشقاء
فلا الرحال في مضاجع النوى
ولا السكون في مواجع البكاء
سيشهدون توبة الرؤى
إذا احترقن أسطري تلهفاً
وازدانت الشموع بالضياء
يا ليت هذا الكون كله حبيبتي
فكلها حضارة
وكلها جسارة
وكلها نضارة
وكلها نساء
يا ليت هذا الكون كله حبيبتي
يا ليت هذا الكون كله نساء.

أ.د. معز عمر بخيت – عكس الريح
صحيفة المجهر السياسي
[Email]moizbakhiet@yahoo.com[/Email]

Exit mobile version