ذهبت امس الى الدكتور محمد علي الجزولي في مؤسسته واجريت معه حواراً استمر زهاء الساعتين تقريباً حول ما يدعو له والجماعة التي يمثلها تحديداً والتي سماها لي بـ(تيار الأمة الواحدة)، وهو تيار ينادي بجمع كل الجماعات الإسلامية تحت راية واحدة وامام واحد، حسبما فهمت منه بما في ذلك السلفية الجهادية وتنظيم القاعدة في اقصى الجماعات الإسلامية السلفية الى المتصوفة التي لا تشرك بالله شركاً بيناً وعلى مبدأ الانتماء اولاً ثم الارتقاء ثانياً في الآخر احالني الدكتور الجزولي الى حوار اجراه معه مجموعة من الشباب على النت للإجابة عن بعض تلك التساؤلات نقدم بعضه اولاً كمقدمة لحوارنا معه ومن ثم نعود الى تفاصيل ذلك الحوار:
السؤال الأول.
من هم تيار الأمة الواحدة؟.
ج في ما يتعلق بالسؤال من نحن فالإجابة طرحناها على جميع صفحات التيار وأعيدها هنا بقولنا
تيار الأمة الواحدة من نحن؟
«إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ».
? تيار الأمة الواحدة مجموعة من المسلمين عزموا على القيام بوظيفة المسلم الأولى بعد تحقيقه للتوحيد، وهي الحركة لهذا الدين والعمل على إقامته في الأرض، وهذه هي وصية الله عز وجل لأولي العزم من الرسل قال تعالى « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ»
?تيار الأمة الواحدة ليست جماعة دعوية ولا حزباً سياسياً، بل تيار فكري يرى أن أبرك أطر اجتماع المسلمين وأوجبها هو جماعة المسلمين وأن تفرُّق المسلمين إلى شيع وطوائف وفرق وجماعات هو من الشيطان وأن الأمة مأمورة بالوحدة والاعتصام وترك التفرق والتدابر، وأن اجتماعهم لا يعني وحدة آرائهم وإنما وحدة رؤيتهم تحت قيادة إمام واحد يقودهم بكتاب الله سواء أكانت الأمة مستضعفة مستهدفة أو عزيزة متمكنة.
? تيار الأمة الواحدة خطوة في اتجاه جماعة المسلمين التي لا يحل لمجموعة من المسلمين أن تقيمها أو تدعيها دون المؤمنين ومشورتهم وأن بلوغ ذلك الهدف يتطلب جهداً توعوياً ودعوياً وفكرياً ضخماً يصحح كثيراً من المفاهيم المغلوطة والمنحرفة عن أسس الاجتماع ووجوب وحدة الأمة .
? تيار الأمة الواحدة الدين تيار فكري يحب المسلمين كل المسلمين يواليهم ويناصرهم باختلاف مذاهبهم واختياراتهم الحركية والفكرية. يقول بأن الحق مفرق بين جماعات المسلمين كل أصاب في باب وأخطأ في باب فلا إصابته تعني تقديسه ولا خطأه يعني تنجيسه، وأن التعاون معه في ما أصاب فريضة ونصحه في ما أخطأ فيه واجب .
? تيار الأمة الواحدة إحياءً للأمر الأول يوم كان الصحابة يتفاضلون بالحركة لهذا الدين فكانت ألقابهم المهاجرون والأنصار والبدريون وأهل بيعة الرضوان ومسلمة ما قبل الفتح وبعده فكم ضحيت أخي المسلم لهذا الدين؟ كم معروف أمرت به؟ وكم منكر نهيت عنه؟ وكم عاصٍ نصحته ووعظته فهديته إلى الاستقامة؟ وكم مسلم غافل ذكرته فنهض للعمل للدين ونصرته والدعوة إليه؟ وكم كافر هديته للدين بالدعوة بالحسنى؟ وكم صائل دفعته بالسيف والسنان؟ وكم عرق منك تصبب ودم منك سال ومال منك أنفق؟
? تيار الأمة الواحدة ملتقى المنصفين من أبناء جماعات العمل الإسلامي الذين لا ينكرون الخير في الآخرين ولا يتعصبون لمذاهبهم ومرائياتهم ولا ينغلقون على جماعاتهم يمثلون نواة جماعة المسلمين دعوة للألفة وجهودًا لوحدة الصف وتنسيقاً لأدوار العمل وتكاملاً في الوظائف وكل ميسر لما خلق له .
تيار الأمة الواحدة لإنجاز خطوات أربع وتعزيز أصول وأركان المنهج الإصلاحي لأحوال الأمة والعالم من بعدها .
1/ اكتشاف الذات بإعادة الأمة الى الوحيين الكتاب والسنة وإحياء فقه الوحي بعيداً عن التقليد والتمذهب
2/ تحقيق الذات بتحقيق مسمى الإيمان ووضع نقاط على الحروف في كثير من الكفريات المعاصرة والدعوة الى الكفر بالطواغيت المستحدثة وآلهة العصر واحياء عقيدة الولاء والبراء وضبط مسائل الكفر والإيمان لمواجهة مذاهب الخوارج وطرائق المرجئة.
3/ وحدة الذات بالدعوة إلى إقامة جماعة المسلمين كل المسلمين وتصحيح ظاهرة الجماعات النخبوية والقضاء على الحزبية والقبلية والمذهبية
4/ سيادة الذات بالعمل الحثيث الجاد لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة والقضاء على القطرية والشعوبية وبيان بطلان دولة المواطنة وإقامة العقد السياسي على أسس جديدة يقرها الشرع وتقيم حاكمية الله في الأرض.
السؤال الثانــــــــــــــــي .
كلنا متفقون في تعظيم الكتاب والسنة.
فما الخطوة أو الخطوات التي بعدها للوصول للأمة الواحدة؟
ج. الخطوات العملية للوصول للأمة الواحدة يمكن تلخيصها في الآتي المرجعية الفكرية وتعظيم النصوص تحقيق مسمى الإيمان بضبط مسائل الكفر والإيمان الدعوة إلى إقامة جماعة المسلمين العمل على إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة هذا الجهد يقوم على تاءين تاء التبصير بالعمل على تبصير الامة وتاء التركيز والتنكيل بمناصرة الجهاد الكوني في حربه ضد الحلف الصهيوصليبى المتربص بأمتنا.
السؤال الثالـــــــــــــــــــث .
كيف نحول كل هذه الافكار والاطروحات الى واقع عملي له بداية ونهاية ويحتوي على مجموعة من الخطوات؟
ج . المشروع يطرح أربع خطوات الأولى يسميها مرحلة اكتشاف الذات بإحياء فقه الوحي وإعادة الأمة إلى مرجعيتها الفكرية الكتاب والسنة وتعظيم نصوصهما، والثانية تحقيق الذات بضبط مسائل الكفر والإيمان بعيداً عن مناهج الإرجاء والخوارج في إجابة واضحة على سؤالين مهمين بما يسلم الكافر؟ وبما يكفر المسلم؟. والمرحلة الثالثة يسميها وحدة الذات بالدعوة إلى إقامة جماعة المسلمين واعتصام المسلمين تحت راية إمام واحد. والمرحلة الرابعة يسميها سيادة الذات بالعمل الحثيث الجاد جهاداً في سبيل الله بالتبصير والتوعية والتركيز والتنكيل لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
السؤال الرابــــــــــــــــع
.. مما يجب مراعاته في رأيي النفوس التي يتنزل عليها الخطاب أو الطرح الفكري.. العامي يعيش في سجن مقتضيات يومه الحياتية، أسيراً و عبداً يلهث طول الشهر باحثاً عن النجاة الى أن يصرف راتبه.. هذا همه في الدنيا صباحاً مساء.. و رأيي أن أية أطروحة لن تستقيم في ذهن هذا العاميّ ما لم يواجه بخطاب يجعله ينتبه إلى عمره الضائع في دنياه.. ما أحسن السبل حتى نحوّل اهتمامات العوام ونقلهم من خوفهم الكبير على معاشهم مأكلهم ومشربهم و سكنهم إلى أقوام ينصرون دين ربّهم؟
ج. سؤال مهم جداً ,
وذلك لأن تيار الأمة الواحدة يسعى للخروج من التكوين النخبوي ليصبح ضمير أمة وحركة حياة ولذلك عند طرحه موضوع المرجعية الفكرية يبدأ بذكر نظرية المعرفة في المنظومة المعرفية الإسلامية ليبدأ طرحه بالابستملوجيا ( ماذا كان قبل الكون والإنسان والحياة وماذا سيكون قبل الكون والإنسان والحياة وكيف يجب أن تكون الحياة في الكون) إن إعادة المسلم المعاصر وهو في زحمة الحياة وتحت ضغوط سياسات الإفقار المنظم إلى بديهيات التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة يعني إخراجه من غيابات جب الحياة الرأسمالية المادية المحضة إلى رحاب الحياة وفقاً لرؤية كونية تجعل من جميع حركاته غايتها البحث عن حياة سعيدة بعد الموت في كنف الرضوان الإلهي فيصبح أكله وشربه ومبيته و رحيله وبيعه وشراؤه، مرتبطاً بمصيره الأخروي فهذا هو المنهج النبوي في إخراج الناس من الغفلة الصماء كما جاء في حديث أمنا عائشة رضي الله عنها (لقد كان أول ما بعث به محمد عليه الصلاة والسلام ذكر الجنة والنار)، لكن هذا الذكر والتذكير بحياة ما بعد الموت وأنها «هي الحيوان» كما قال ربنا الديان لا يعرضها التيار في قالب وعظي بارد، بل في قالب فلسفي مستنير عميق جداً يجعل القلب ينبض بالحياة والمستمع يفرك عينيه وهو يشكر ربه على نعمة الاستيقاظ من سبات الغفلة . والتيار لا يكتفي بهذا فحسب، ولكنه يمضي في ذكر ثمرات الالتزام بالدين عدلاً في الحياة ورفعة في الدنيا وكرامة في المعاش سواء أكانت فقراً أو غنى وأن ذلك من قبيل الثمرات لا اللوازم بعيداً عن مجاراة التشهي الرأسمالي الخادع .
السؤال الخامـــــــــــــس.
كيف يمكننا التوحد في ظل نظام عالمي يقدس المواطنة والقطرية، بل ويتوغل في شؤون الدول الداخلية بمبررات لا يعجز عن ابتداعها وأيضاً في ظل حكومات عميلة طاغوتية لا تحمل من صفاتنا إلا الدم واللغة؟
ج. التيار يطرح مسارين مسار تركيز يعمل على تغيير قواعد اللعبة الدولية بالتنكيل بالولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها اللاعب الرئيس ومسار تبصير يعمل على تبصير الأمة وتوعيتها بماهية الحكم الإسلامي وفرضيته والقضاء على أصنام القطرية والشعوبية والمواطنة.
السؤال الســــــادس.
. هل من عقيدة خالصة لتيار الامة الواحدة؟ ومن هم سلفهم من العلماء؟
ج. عقيدة (القائمين) على تيار الأمة الواحدة عقيدة أهل السنة والجماعة في مسائل الصفات ومسائل الإيمان ومسائل القدر ومسائل الإمامة ومسائل الصحابة ومسائل التوحيد ويجب أن نفرق بين قولنا عقيدة القائمين عليه وعقيدة التيار كله لأن التيار بما أنه إطار لتوحيد الأمة في خطوة نحو إقامة جماعة المسلمين فهو يستوعب الأشاعرة والماترودية وغيرهم. بمعنى آخر هو يستوعب كل مسلم ففرق عنده بين شروط الانتماء وشروط الارتقاء. فكل مسلم فهو منا ونحن منه ثم نعمل جميعاً على الارتقاء بمفاهيمنا وأخلاقنا وعباداتنا وصولاً إلى درجة السابقين بالخيرات لكن منا الظالمون لأنفسهم والمقتصدون والسابقون بالخيرات.
الســــــــــــــؤال السـابـــــــع.
. ما هي حدود الأمة الواحدة في نظركم وهل القلة المسلمة في بعض الدول تدخل في حدود هذه الأمة , وهل الأمة الواحدة محدودة بحدود المكان ولا هي تعتبر صفة وتضم كل من هو مسلم؟
ج : مفهوم الأمة الواحدة مفهوم أيدلوجي قيمي وليس جغرافي فهو يشمل كل مسلم بما في ذلك الأقليات المسلمة في دار الكفر الأصلي.
السؤال الثامن
كأن المشروع هو دعوة ممنهجة للم الشمل و تصحيح المفاهيم وبناء جيل على قاعدة صلبة( كتاب و سنة) من أجل القيام بالدعم اللوجستي للجبهات المقاتلة!!
ج.المشروع ليس خطاباً للمجاهدين فحسب، فالمجاهدون ليسوا هم الأمة، بل هم بعض الأمة وفصيل من فصائلها وتيار الأمة الواحدة شجرة يستظل تحتها المجاهدون والدعاة والمعلمون والمربيون، بل والقاعدون والعصاة والمجرمون فكل مسلم هو من التيار والتيار وليه ومناصره ومحبه بقدر ما فيه من طاعة ويبغض منه ما صدر عنه من معصية وبدعة يعمل على ترقيته ونصحه ويأخذ بيده إلى الله.
الســـــــؤال التاسع .
اولاً لقد أصبحنا اليوم نعيش عهد الفتنة وأصبح المسلم يكفر أخاه المسلم ولم نعد متمسكين بقواعد وأصول الإسلام. فكيف نعود ونرجع إلى الصواب؟! ثانياً : أصبحنا الآن نعيش بين فرق متعددة ولا نعرف أي هذه الفرق هو الصادق، وأصبح اليوم البشر يسخرون من الدين ومن علماء الدين فبماذا تنصحنا؟!
ج. بالرجوع إلى نصوص الكتاب والسنة تعظيماً وتسليماً، والبحث بتجرد في مسائل الكفر والإيمان للتفقه في هذا الباب على نحو صحيح، ثم الإعتصام وموالاة كل مسلم لم يتلبس بكفر بين وإعمال والإجتهاد للمساهة تبصيراً أو جهاداً وتنكيلاً لإقامة الخلافة الراشدة والعلم بأن الخلاف واقع وإدارته بطريقة شرعية هو السبيل للتعاطي معه وليس بالإستطاعة رفعه كله..
السؤال العاشــــــــــــر.
من خلال هذا الفكر كيف سيكون التعامل مع المخالف في العقيدة مثل الاشاعرة والماتريدية ومن عندهم بدع؟
ج. الأمة المسلمة مصطلح أوسع من مصطلح أهل السنة والجماعة. فهو يشمل أهل السنة ويشمل كذلك أهل التأويل من فرق المسلمين ما لم يتلبس بكفر بين لنا من الله عليه برهان بلا تأويل سائغ.
بكري المدنى:صحيفة الوطن
ي.ع