ولكن في المقابل نجد أن مصر ربطت كل مواقفها الفنية والسياسية في حوض النيل بقضية سد النهضة حيث انسحبت في العام 2012م من مجموعة الدول المكونة للحوض بل غابت مؤخراً عن اجتماعات اللجنة الفنية الاستشارية لمبادرة حوض النيل التي عقدت الاسبوع الماضي بالخرطوم بعد أن جمدت عضويتها في المجموعة بعد أن أعلنت صراحة أن موضوع المياه يمثل مسألة حياة أو موت، ويرى محللون أن مصر ستذهب في اتجاه الضغط على السودان بكل الوسائل السياسية والدبلوماسية وآخرها حسب ما رشح من تسريبات بأنها ستشرع في إعادة فتح مكتب المعارضة بالقاهرة بقيادة علي محمود حسنين واستقبال وفد حركة العدل والمساواة جناح جبريل ابراهيم بجانب استخدام حلايب كورقة ضغط ضد السودان.
ورأى النائب البرلماني أحمد عيسى أن موقف الحكومة السودانية لايتناسب مع ما تقوم به مصر من تصعيد للازمة، قائلاً يجب على الحكومة أن تتخذ مواقف سياسية موازية تراعي مصالح الشعب حتى لو لجأت لخطوات تصعيده مماثلة لما أقدمت عليه القاهرة مؤخراً باستضافتها للمعارضة السودانية وفتح مكتب جديد لها بقياده علي محمود حسنين .
وأشار نائب دائرة حلايب بالبرلمان أحمد عيسى الى أن الحكومة السودانية لازالت متمسكة بسياسة ضبط النفس فيما يخص قضية حلايب المحتلة قائلاً الحديث عن استخدام حلايب كورقة ضغط من الجانب المصري لاجبار السودان على اتخاذ مواقف مساندة لمصر أمر جائز وغير مستبعد رغم أن قضية حلايب بدأت قبل قيام سد النهضة نفسه، مشيراً الى أن مصر تعتبر أن قضية المياه تمثل مسألة حياة أو موت، قائلاً نحن كذلك يجب أن نأخذ الموضوع على محمل الجد بذات الكيفية.
يقول المحلل السياسي جمال رستم ان مصر لازالت تنظر للسودان بذات النظرة القديمة كحديقة خلفية تابعة لها وهي ترفض أن يخرج من الجلباب المصري، مؤكداً أن مساندة السودان لسد النهضة نابعة من الفوائد التي يحققها السد، يقول حالياً أصبحت لغة المصالح هي السائدة في كل العالم ، فالسد كما هو معلوم يقع على بعد 40 كلم من الحدود المشتركة مع اثيوبيا وهو ينظم جريان المياه بالنيل الأزرق ويوفر الكهرباء للسودان عن طريق الربط الشبكي المشتركي ، وأيضاً سيمكن السودان من الاستفادة من كل حصته في مياه النيل بعد كهربة المشاريع الزراعية، حيث أن معظم المشاريع المروية متوقفة حالياً كما أن الاستفادة الفعلية من حصة المياه 18,5مليار متر مكعب لا تتجاوز 12 مليار متر مكعب الباقي يذهب لمصر التي تخشى من استغلال السودان لكل نصيبه من المياه وبالتالي نقصان حصتها الرسمية وغير الرسمية من المياه لأن مصر هبة النيل وأي شح في المياه يؤثر عليها لذلك هي تضغط بقوة على السودان تارة بإثارة أزمة حلايب ومرة أخرى باستضافة المعارضة المسلحة وأخيراً بتأليب الرأي العام العالمي والاقليمي ضد السودان كدولة ترعى الاصولية الاسلامية خاصة بعد تولي نظام السيسي للحكم في مصر وتصنيف السودان في المعسكر الآخر الذي يضم الاسلاميين « قطر وتونس » فهي في سبيل تحقيق مصالحها تستخدم كل الاساليب السياسية والدبلوماسية للضغط على السودان .
من جانبه دعا الخبير الإستراتيجي العميد أمن «م» حسن بيومي في حديثه «للوطن» الحكومة السودانية لاتخاذ موقف قوي وواضح فيما يخص موضوع المياه باعتباره ملف إستراتيجي مرتبط بالحقوق التأريخية في مياه النيل، وقال الامر لا يحتمل موقف ضبابي لأن الأمن المائي أهم من الأمن الغذائي والكهرباء.. ولكن بيومي استبعد فرضية استخدام مصر لقضية حلايب كورقة ضغط ضد السودان لاتخاذ مواقف سياسية موالية له في حربه السياسية والدبلوماسية ضد اثيوبيا، قائلاً يجب أن لا نخلط الأمور مع بعضها فمشكلة حلايب قائمة منذ فترة كما أن الحديث عن فتح القاهرة لمكاتب للجبهة الوطنية المعارضة بقيادة علي محمود واستقبال مندوب حركة العدل والمساواة ابوبكر حامد ليس فيه جديد باعتبار أن مصر ظلت طوال فترة وجود الانقاذ تحتضن المعارضة السودانية، مضيفاً حلايب لو ظلت محتلة 20 عاماً أخرى لن يتأثر السودان.. ولكن إذا توقفت المياه ليوم واحد سيموت الناس لذلك اعتقد أن على الحكومة السودانية أن تتعامل مع الملف باعتباره مسألة حياة أو موت وبعده يتم ترتيب للأوليات الأخرى سواء حلايب أو الفشقة أو غيرها.
وكان وزير الموارد المائية والكهرباء معتز موسى سالم قد أشار الى أن انعقاد الاجتماع الوزاري لدول حوض النيل يؤكد ريادة السودان في المنطقة والإقليم، وأوضح معتز في تصريحات صحفية أن الاجتماع سيعمل على وضع رؤية جديدة لمبادرة حوض النيل لمدة خمسة أعوام، بجانب مناقشته لقضايا التمويل والشركاء الدوليين، وأضاف أن الاجتماع سيشهد انتخاب أمين عام لمبادرة حوض النيل بجانب انتخاب الأمانة العامة لدول حوض النيل الشرقي والتي تضم (السودان، جنوب السودان، مصر وأثيوبيا)، مشيراً إلى أن الاجتماع فرصة واسعة ليطلع الوزراء على تجربة السودان في مجال مشروعات المياه خاصة السدود وذلك من خلال زيارتهم لسد مروي.
تقرير: الفاضل ابراهيم: صحيفة الوطن
ي.ع