حقيقة رغم الإعلان والتحذير الذي قدمته وزارة التخطيط العمراني لكل من يهمه الأمر فيبدو أن الوزارة لم تكن جادة فيما دعت له فعلاً وإلا ما أستمرت تلك الشركات تعمل جهاراً ونهاراً.. وإتهامي للجهة المختصة بولاية الخرطوم بالقصور ليس بسبب إلقاء القبض على المخالفين فقط، بل كنت أرى أن تقوم وزارة التخطيط العمراني بعمل إعلامي ضخم يجعل المواطن البسيط يعرف خطورة حفر هذه الآبار الجوفية على حياة سكان الولاية بمثل نفس القدر الذي يتحدث فيه الناس عن مظاهر السلاح غير المسلح والمخدرات وهجوم حركة العدل والمساواة على الخرطوم.
قبل اسبوع مررت بجهة بين تقاطع شارع الجمهورية وشارع عطبرة وأنت تسير جنوب غرب نحو وسط الخرطوم، وكان الزمان الساعة الحادية عشرة صباحاً بتوقيت السودان المحلي…. والمكان الذي ذكرته يبعد عنه مكان تجمع عربات محلية الخرطوم بمسافة لا تزيد عن ستين متراً فقط (يفصلهما شارع واحد فقط)… إذن فهذا يعني بأن موظفي الشركة لو لم يكونوا على قناعة تامة بأنه ليست هناك مخالفات يقومون بها لما اقدموا على تلك الخطوة وهم مطمئنون في عملهم.. أو أن هناك إفتراضاً آخر هو أنهم يعلمون لكنهم لا يخافون قانوناً نائماً لم يسبق له التنشيط ولو على سبيل المزاح.. وتذكرت هذا لأنني سبق لي المرور في إحدى الأحياء الواقعة في محلية بحري لأجد عربة حفر تعمل ليلاً فظننت هؤلاء يخافون عقوبة وزارة التخطيط العمراني.
وإذا كانت تلك الشركات لا تخاف أو تهاب القانون أفليس من الأوفق لنا جميعاً حكومة وشعباً ومجتمعاً مدنياً العمل على التنبيه بخطورة إختلاط مياه السايفونات مع مياه الشرب، وينتج عن ذلك العديد من الأمراض منها مثلاً بعض الحميات والإسهالات وغيرها… أليس من الأوفق لنا جميعاً العمل على مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التي تمثل قتلاً بطيئاً لسكان الولاية خاصة وأن الذين يقومون بحفر آبار السايفونات بواسطة هذه السيارات لهم مقدرة مالية تمكنهم من شراء مياه الشرب المعبأة في الأوعية البلاستيكية… فهل يستطيع كل الشعب التحول إلى شراء مياه هذه الشركات؟.
إن تلوث مياه الشرب بواسطة آبار السايفونات ليست على القائمين بالحفر فقط، لكن جهل المواطن السوداني الذي كثيراً ما تعامل بعفوية مع القضايا العامة التي لا تستحق العفو فيها.. إن تلوث مياه الشرب ليست قضية تستحق التساهل والتسامح حتى لو تعاملت معها ولاية الخرطوم بدون مسؤلية فعلينا تنبيه الكل على خطورة ذلك ليكون الخطر معروفاً للجميع.[/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 927- 2008-06-12