الحديث أعلاه للدكتور بشير آدم رحمة امين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي في إفادات جرئية لأول مرة في الحوار الذي أجراه معه الزميل حبيب فضل المولي ونشر فى صحيفة «التغيير» يوم الأربعاء المنصرم 18/6/2014م – حديث رحمة جاء في سياق الدفاع عن فكرة الحوار ورفضهم التدخل الدولي في قضايا الخلاف السياسي الداخلي مستشهداً بأنموذج ليبيا وبعض الدول في الاقليم. وفي تقديري هذه قناعة وعقلانية جديرة بالاحترام، غير أن موقف المؤتمر الشعبي مضطرب في هذا المضمار لأن اتصالاته المتكررة مع المتمردين تؤكد علاقته بهم، وان المتمردين هم الذين نقلوا قضايا السودان ونزاعاته الداخلية للمجتمع الدولي، وهم ادخلوا قضية دارفور الى قاعات مجلس الأمن ثم حولت الى ما تسمى الجنائية، ومع ذلك المؤتمر الشعبي على لسان بعض قياداته خاصة العليا منها يردد رفضه التدخل الاجنبي، وهو مسار محمود له، لكن المأمول ان يتبعه عمل محسوس وملموس على ارض الواقع، وان تأتي حواراته مع المتمردين بثمر يأكله اهل السودان وان يترك إخفاء الكروت، كما ان طبيعة وحجم التدخل الاجنبي المقصود بالنسبة للشعبيين لم يكن واضحاً، فهل يقصدون التدخل العسكري المباشر، وان التدخل عبر التأثير على قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة لا يعتبر تدخلاً بالنسبة للشعبي؟ وفي ظل القناعات المتراجعة وفق ثيرمومتر المصالح والمكاسب السياسية يتساءل البعض هل ما يخرج من تصريحات من بعض قيادات الشعبي هو عقلانية تنظيمية ومؤسسية ام انها اجتهادات شخصية خارج النص السياسي للحزب؟ لأنه فى اي حالة من الحالتين تكون لديها وضع تحليلي مختلف، فاذا كانت اشواق وقناعات افراد وليس بمقدورهم تبنيها داخل اروقة الحزب حتى تصبح رؤية متفق عليها وقابلة للنفاذ تكون هذه القيادات تنضوي تحت سقف حزب مسلوب الإرادة ويفتقد القيادة لاستخدام قوته في حل النزاعات والتأثير، والأفضل تصحيح مسار ومنهج الحزب أولاً ثم الاصلاح العام، وقد يجادل البعض فى صحة او صواب موقف بعض قيادات الشعبي فى تناقضاتهم، إلا أن الكثيرين يتفقون معي في أنه ما ظهر النفوذ الكبير لبعض قيادات التمرد وقوتهم المسلحة الا بعد إسنادهم سياسياً ولوجستياً من قبل قيادات حزبية معروفة بالداخل والخارج، وذلك وصولاً لأهداف محددة تحت سقف ومبررات العدالة والمساواة وتوزيع الموارد، ولم يراع او يستشعر الداعمون بإلحاح للتمرد والتبشير به الخطورة والمهددات التي تترتب من ذلك وتجابه البلاد من خلال انتشار السلاح والصراع المسلح، ولم يتعظ هؤلاء من الغزو الامريكي للعراق عام 2003 م، اذ اندلعت الحرب فى دارفور عام 2003م وماذا كسبت دارفور غير عدم الاستقرار والحروب الأهلية التى لا حصر لها، الى جانب المهجرين والمهاجرين الى دول الجوار، فبكل امانة لم استطع ان استوعب تناقضات بعض السياسيين الذين يأتي البعض منهم بالشيء ونقيضه فى خطاب واحد، يستغفلون فيه الرأي العام وكأنه بلا ذاكرة، وهذا سبب ما بلغنا من حال وعدم ثقة في بعضنا، ومن ثم يصيبنا ما أصابنا، ولا يدرك الساسة انهم العلة الكبرى فى أزماتنا وكل المصائب النازلة بنا فى هذا الوضع.
على كل فإن الحوار اتجاه عقلاني يبعث روحاً جديدة فى أوصال الكيانات السياسية، فاقبلوا على خطوات إيجابية وعملية تثبت مصداقية ما تتفوه به ألسنتكم بحق هذا الوطن، ولا عيب فى سبيل الوطن ان يقال أن المؤتمر الشعبي اصبح مصراً على الحوار الوطني وملكياً اكثر من الملك وهو يستعيد توازنه السياسي فى التعامل مع القضايا الوطنية، فكل يوم نسمع ونقرأ بيانات ولم نلحظ خطوة تقدم واحدة، ويمكن هذا لطبيعة المشكلة وتعقيداتها، فالوطن للجميع ولكل حزبه وكسبه، اما ما يلي الحوار الوطني فعلاً فإن القوى المقتنعة به هي القوى ذات الوزن والكتل الانتخابية، وهم جديرون بأن تمضي معهم الحكومة الى خلاصات لمصلحة الوطن، اما الرافضون لمبدأ الحوار فواضح انهم فئة معزولة سياسياً وجماهيرياً، وطيلة تاريخ الديمقراطية فى السودان اتفقنا او اختلفنا حولها فإن هذه الأحزاب أو التيارات لم تأت بدائرة انتخابية واحدة، فجميعهم يأتون فى ظل الظروف الاستثناء ودوائر الخريجين، فالأفضل أن يذعنوا لإرادة الأغلبية من أهل السودان، بدلاً من محاولاتهم الاستقواء بالخارج وفرض إرادتهم.
صحيفة الانتباهة
ع.ش