الجوع جعلني آكل الطين.. أهيم على وجهي في الطرقات بحثا عن أسرتي

[JUSTIFY]بالكاد تمالكت نفسي وحبست دمعي كي لا أزيد آلامه، صبي لا يتجاوز السادسة عشر من عمره، هكذا قدرته، شمالي الأصل لكنه ولد في الجنوب عندما كان السودان واحدا، لم يعرف له موطنا سوى الجنوب، وهذا ما دفعه لرفض فكرة العودة إلى الشمال مع والديه وشقيقاته في 2012م، فضل البقاء مع عمه، ذكرياته، وأصدقائه في الجنوب، لكن الحرب اضطرته لترك منطقة (مسبل) الواقعة غرب مدينة الرنك؛ لم يعلم من أين سيبدأ حديثه، وبدا لي في حيرة من أمره، لكنه كان هادئا رغم المآسي التي مرت به طوال رحلته من الجنوب إلى الشمال.

شخص بعينيه بعيدا وهو يصور لي مشهد الحرب التي أزهقت ارواح الآلاف بلا وجه حق، أخبرني أنه فقد العديد من الأعزاء وأن موطنه قد شوه بصورة فظيعه، وأصبحت الديار تعوم في بركة من الدماء، ما دفع عمه لحثه على البحث عن أسرته في الخرطوم، فجأه وجد عبد الإله نفسه عالقا في رحلة قاسيه، واصل قائلا: بدأت مأساتي منذ وجودي في الجنوب، فقد جازفت حتى تمكنت من إنقاذ روحي من وابل الرصاص، سرت على الأقدام 11 يوما حتى وصلت إلى الحدود بين الشمال والجنوب، في الطريق لم أجد ما آكله غير اللالوب وعندما نفد مني أكلت الطين، في الحدود داهمنا بعض سكان الشمال الذين سرقوا مني أنا وبعض الناجين هواتفنا، ونقودنا، وما تيسر لهم مما نهبوه، في هذه اللحظة لم أعرف إلى أين أنتمي، وتنازعتني الرغبة بين المضي قدما إلى موطنا يلفظني من الآن.. صمت برهه وواصل قائلا: وجدت رجلا طيبا يدعى محمد ساعدني حتى وصلت إلى كوستي ومنها للخرطوم، لأجد نفسي غريبا في مدينة غريبة، تساءلت: كيف سأجد اسرتي وأنا لا أعرف لهم عنوانا ولا أملك أرقام هواتفهم؟، لكن محمد لم يتركني أنام في الشوارع وأخذني إلى منزله إلى أن أجد والديّ، لكن أسرته لم تتقبل فكرة وجود شخص غريب وبلا أوراق ثبوتيه معهم في ذات المنزل، ما اضطرني للخروج من منزلهم، لأصبح بلا مأوى، أهيم على وجهي بحثا عن أسرتي. والدي يدعى محمد عبد الله بشير إبراهيم الحاج، ووالدتي اسمها فاطمة إبراهيم الحاج إبراهيم، قال لي عمي أن أبحث عنهم في منطقة (جبرونا) لكنني لم أعثر عليه، هنا شعرت بأنه يحبس دمعه في عينيه كي لا يهزم ما تبقى من الأمل داخله وهو يخبرني: أتمنى أن يساعدني الناس في العثور على أهلي، أريد أن أعيش معهم في ذات المنزل، فقد اشتقت لأبي وأمي، وشقيقاتي.

رقم التبرع والاستفسار: 0912517645

صحيفة اليوم التالي
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version