قريبي هذا رأيته .. وكان يسير وأرجله تتصادم مع بعضها كالحمار الطيب الحنون الذي
يتحدّث الفرنسية الهادئه ويضع خوذة في رأسه تترنح هي الأخري ،، فقلت له مُداعباً وأنا أسير خلفه و أصفّق علي حسب مشيته ؛
والخُوذ مالت طربا من فعل هذا الرجلي
فولولت وولولت ولي ولي يا ويل لي
والعود دندن دنا لي
والطبل طبطب طب لي
وهُنا صفقت بسرعه وانا أقول ؛
طب طبطب طب طبطب طب طبطب طبطب طب لي
فالتفت اليّ منزعجاً فقلت له : مالك ؟
رد مُسرعاً : مرحباً
قلت : مابك يا مالك ؟
قال : هل سمعت هذا البيت ؛
ولعمرك ماضاقت البلاد بأولادها ولكن ضاقت أخلاق الرجال
فقلت له بهدوء أُحسد عليه: أولاً هذا البيت ليس صحيح .. البلاد ليس لديها أولاد .. ولا بنات .. ولا حيوان نبات جماد مجموع .. هل تعتقدها لُعبه ؟ والبيوت أيضاً لاتُسمع ،، ولكن البيوت تُنادي … هي تُنادي سُكانها وتخاطب ضمائرهم ليعودوا لحضنها ،،والبلاد يا أخي لها أهل وليس لها أولاد ،، ثانياً هذا بيت قديم ،، ورُبما يسقط علي رأسگ فلا تشغل بالك يامالك به ،، ولكن .. مالك يا مالك ؟ هل ضاع مالك ؟ أم هل هلك هالك ؟
لم يُجبني وأضاف : غريب انا في بلادي .. سقيم انا وصحّتي جيده .. وكأنني أقرب من أغرب الحديث مثل ؛ قرب قبر حرب قبر” … وحرب ربح بحر بحبرُ لايبحر
حينما سمعته كِدت أن أقول له : وهل هذه مفسده أم محمده .. الّا أنني سرعان ما قلت لأواسيه ؛ يامالك يوم الدين .. إيّاك نعبد وإياك نستعين … لا تهتم يامالك
لذا سألته ؟ يا مالك ،، هل أنت متدين ؟
قال ؛ لا
قلت له أنا لستُ متدين والحمد لله ،، أنا لا أحب الدين .. ولم أصلي منذ البارحة ،، فلماذا أنت قلق !
وذهبنا الي المسجد لصلاة الفجر وكنّا لم نصلي منذ عشاء البارحه .. البارحة ليلاً خلدنا الي النوم أنا وبقية أهلي لذا لم نصلي الليل ..
هذا الحديث ليس كلام فقط ،، انّما واقع مُعاش .. وحتي الانسان ليس بني آدم وحسب .. أنا لا أفهم متي نفهم ذلك .. ومتي تدور عقارب الساعه عكس عقارب الساعه لنعود بالزمن ،، الهواء هنا طلق …ورحب ،،ولكن القلوب كالحجارة .. الدولة لم تعطينا مالنا .. وماعلينا .. وأموالنا .. لذا رجاء اخرجوا مع الامطار كثيراً .. ألا يكفي ذلك للهدوء ؟ الكلام لايكفي للحديث وحده .. والجمال لايكفي وحده .. الجمال الجمال .. يعني حتي هذه الناقة ليست سوي دآبة،، ليست لديها علاقة بالبعير
لذا فقد قلت في معلّقتي الثانية في البيت رقم 96 :
قالت نياقي ويح صاحبي مهلاً …… عدواً وجرياً قد أرقت سنامي
يا الله
أليس هذا تعبير جميل !
اذن انظروا ماذا قالت بنت الناقه واسمها لبون :
قالت لبون ويح أمّي رفقاً …. لطفاً تعبت .. وإن زاد إهتمامي
ولكنني اكتشفت أن كلمة تعبت هذه ليست جيّده فقمت باستبدالها هكذا :
قالت لبون ويح أمّي رفقاً …. بحثاً وبحثاً قد زاد إهتمامي
أنا أعرف الجمال جيداً لأنني صاحب معلّقات ألاتدرون ذلك ؟ أنا في مُعلقتي الميميّه الأخيره
كنت أسير بنوقي في البيداء لأتابع طيف حبيبتي ،، تابعت طيفها في قصيدتي بيت بيت وما أن وصلت الي البيت السادس والتسعون حتي اشتكتني جمالي ولبون بنتها .. الجمال سارت ولكن الحمار وقف .. وحينما وقف حمار الشيخ في العقبه لم يكن متجهاً صوب بورتسودان .. ولم يكن الحمار الوحيد ،، أقول لكم سراً : هذا السودان كله حمير ..
في رأيي علي الأقل ..
حمير ووديان ..
البلاد كلها حمير وحصين وهكذا ولكن حمار الشيخ هذا أشهرها ،،، السودان بلد جميل انعم الله عليه .. و شعبه من أعظم الشعوب وأتقاها ،، ولايمكنك أن تجد شخصُ في السودان غير متدين …هذا البلد كله متدين .. كل الشعب متدين .. لذلك جاءت الهجره للخارج … والذي يُحالفه الحظ و لايكون متدين رُبما يكون ذو خلق ودين ،، وبما أنّ كل الشعب متدين فإنّ هذا البيت صحيح :
ولعمرك ماضاقت بلاد بأهلها …. ولكن أخلاق الرجال تضيق
هاجروا وأقضوا دينكم
دينك يدينك لو لم تُسدده كله ..
ولكن أخلاق الرجال تضيق وتضيق وتنفجر
الكاتب : د.عاصم البكري