خالد حسن كسلا : رسالة لندن إلى المتمردين استهبال دبلوماسي

[JUSTIFY]خبر تحت عنوان «بريطانيا تطالب الحركات المسلحة بالانضمام للحوار» -المقصود الحوار الحكومي مع القوى الحزبية – لكن مثَّل بريطانيا في هذا التصريح السفير البريطاني في الخرطوم بيتر تيبر. أي أن التصريح لم يصدر من رئيس الوزراء البريطاني من هناك في العاصمة البريطانية لندن، مثل تصريحه حول قضية المرتدة «أبرار» قضية أبرار تهم لندن أكثر من قضية السلام، لان الاولى تهتم بها لندن ممثلة في الحكومة البريطانية، وتنطلق التصريحات حولها من عمق العاصمة البريطانية، فيكفي ان يقوم به السفير الموجود في الخرطوم. والسفير اذا كان صادقاً في هذه المطالبة على الاقل كان يرسل خطاباً مكتوباً وممهوراً بختم السفارة البريطانية الى قادة التمرد. لكن ان تكون مطالبته من باب العرف الدبلوماسي وهو يقابل مسؤول رفيع هو مساعد الرئيس الدقير، فهذا لا معنى له، ولا يمكن ان يكون هو الموقف الحقيقي لبريطانيا من قضية السلام في البلاد.

طالب سفير لندن في الخرطوم الحركات المسلحة بالانضمام للحوار الوطني، هل يقصد الدخول في مفاوضات جادة وحاسمة ونهائية لتعتبر بذلك جزءاً من عملية الحوار الوطني، ام يقصد ان تتجاوز هذه الحركات حكاية التفاوض في بعض عواصم الدول الافريقية، وتحسب نفسها مع القوى السياسية المعارضة بالداخل!

يبدو أن سفير لندن كان يهرف بما لا يعرف، وهو يتحدث في لقائه مع مساعد الرئيس الدقير، يريد فقط ان يحشو وقت اللقاء بحديث يظن انه محبب للحكومة والجمهور، ويمكن ان ينطلي عليهما. يظن ان بلاده التي احتلت في خواتيم القرن التاسع عشر السودان قد جعلت اهل هذاالبلد يطربون لكل ما يصدر من مسؤول بريطاني حتى ولو كان تافهاً. لكن بقي الآن تأثير ثلاث شخصيات فقط في هذا المجتمع اقوى من تأثير عقود الاحتلال البريطاني عليه، هذه الشخصيات الامام محمد احمد المهدي والشيخ احمد حسون والشيخ علي طالب الله. انهم أئمة الأنصار والسلفيين والاسلاميين. ويقوى تأثيرهم بهذا المجتمع كلما مرت العقود. لذلك ينحسر تدريجياً حجم المتأثرين باحتلال وحكم أجداد السفير البريطاني بيتر، فاسمه هذا يحمله فقط ابناء الجنوب الذين انفصلوا عن الشمال.

السفير البريطاني هنا في الخرطوم لا يسعه بالطبع ان يردد مثل تصريحات حكومته حول قضية امام القضاء السوداني المستقل بمختلف درجات التقاضي فيه، وهذا يتركه حينما تنتهي فترة عمله بالبلاد ويعود الى بلاده او ينتقل الى بلد آخر فيطلق التصريحات السلبية بعد ذلك كما كان يفعل المبعوثون الغربيون.

لكن لو كنت مكان مساعد الرئيس جلال الدين الدقير لطالبت السفير بأن يكتب مطالبته للحركات المسلحة بالانضمام الى الحوار الوطني في رسالة رسمية باسم الحكومة البريطانية ممثلة بسفارتها في الخرطوم. او يكف ويصمت عن ذلك فلا داعي للاستهبال الدبلوماسي.

والغريب ان بريطانيا كجزء من الدول الغربية التي لم تبارك العام 1986م حكومة الصادق المهدي المنتخبة، بل ظلت تنهكها من خلال دعم التمرد، يأتي سفيرها الآن ويمتدح في لقائه بالدقير، الجهود التي بذلت لاطلاق سراح الصادق المهدي. وهو بذلك يجهل أو يتجاهل حق التقاضي الذي مارسه ضده جهاز الامن. ولم ينتبه السفير على ما يبدو الى ان جهاز الامن لم يقم باعتقال عشوائي إنما جاء ذلك بأمر النيابة لتقدم المتهم الى المحكمة. هكذاهم مسؤولو الدول الغربية، لا ينتبهون أو يتجاهلون تطور مؤسسات دول العالم الثالث من خلال التاريخ القريب.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version