علي مهدي: لو صحيت يوم وما لقيت إسمي في الجرايد بزعل والله!

عقارب الساعة تشير إلى الخامسة مساء بتوقيت الفنون الدرامية والغنائية والتشكلية، والخطى تتسابق للحاق موعد إجراء حوار صحفي مع علي مهدي، الممثل المسرحي المعروف، ورئيس إتحاد المهن الموسيقية والمسرحية. بمركز علي مهدي للفنون بالخرطوم شرق.
جلسنا إلى علي مهدي، وجلس معنا شاربه الكثْ، وابتسامته، ومكتبه الفخيم، وأوراقه المبعثرة الكثيرة. وعلى طاولة حوارنا كانت ترقد قهوة من الحجم العائلي، بكامل ملحقاتها، وبخورها. وضعنا على هذه الطاولة بعض الأسئلة الساخنة كالقهوة، فناور في بعضها، وأجاب عن بعضها، فإلى تفاصيل اللقاء.
* منو عليْ مهدي؟
– إسمي بالكامل، علي مهدي نُوري السيد عبد الكريم. المهنة الرئيسية: ممثل، وأول وثيقة سفر استخرجتها في السبعينيات، مكتوب عليها في خانة المهنة ممثل. وكنت حينها طالباً بالمعهد، وكنّا مشاركين في مهرجان الثقافة العربي الأول بالجزائر. عندما قلت لموظفي الجوازات أنّ مهنتي ممثل رفضوا التصديق عليها، وقالوا لي: «نحنا بنعرف تُور الجر، والفاضل سعيد، بس مشيتْ المسرح القومي، والكلية، وشلت خطابات بأنني أدرس وأمارس مهنة التمثل». وشكراً للفريق أول إبراهيم عبد الكريم، الذي صادق على المهنة سفيراً للنوايا الحسنة، ونائباً لرئيس الإتحاد الدولي للمسرح، ومستشاراً بإمارة الفجيرة، ورئيساً لمهرجان البقعة للمسرح.
* شنو حكاية الكلام الكتير ده؟
– أنا بطبعي شخص حكّاء، وكل ممثل حكّاء، لذلك تأخذ مقالاتي في الصحف طابع الحكايات إجتماعياً، أفترض في نفسي محبة الناس والإقتراب منهم ومشاركتهم، خاصة زملائي الفنانين. ومن يشارك الناس يتحدث.
* طيب، حكاية علي مهدي النرجسي دي شنو؟
ضحك طويلاً، ثم قال:
– أنا ما نرجسي، لو كنت كذلك كيف لي أنْ أدخل العمل العام؟. رأيي أنّ أي شخص له هذه الصفة من الأفضل له الإبتعاد عن الجمهور، لئلا يتعرض للنقد. كل ما أفعله أنّي استغل محبة الناس لي بما لا يخالف القانون.
* كثرة الأسفار انسحبت سلباً على أدائك ومشاركاتك الفنية؟
– نعم، أنا كثير الأسفار، لكن هذه الأسفار لم تخرج عن العمل، بحكم عملي في منظومة فنيّة تُتيح لي التسفار، فأنا عاشق للسفر.
* دعنا نعود بك للوراء قليلاً، ودعنا نسترجع عُرس الزين بمهرجان كان. ما الذي علق بذاكرة علي مهدي في ذلك التاريخ؟
– أول ما أذكره من ذلك التاريخ أنّ كمال سيّد، أحد ظُرفاء أم درمان، كان يمشي وقتها بين الناس قائلاً ساخراً ومنكّتاً: [سبحان الذي أسرى بعبده من الخرطوم لباريس سنة سبعة وسبعين]. ووقتها لمْ يُعرض عرس الزين في الخرطوم، عرفتْ السفارة الفرنسية بذلك، وقدمت لنا الدعوة، لعرض الفيلم بمهرجان كان السينمائي. سافرنا بعدها على وجه السرعة، وكان العرض نهاراً جميلاً. ومن جميل الصدف كان يجلس في المقاعد أمامنا شمس البارودي، حسن يوسف، اللذان كانا يتوشوشان بلهجةٍ مصرية في استغراب: الفلم ده إتصوّر في السودان، مش ممكن؟
وبعد انتهاء العرض إكتشف المخرج خالد الصديق أنّنا موجودون بقاعة العرض، ومن بعدها قدمنا لتحية الجمهور. منذ تلك اللحظة تعلقّت بحياة النجوم وبالسفر.
* هذه الشهرة منذ سنٍ باكرة، وأسفار ومجتمعات مختلفة هي ما يُثيره البعض حين يتهموك بالتعالي، والنرجسية التي أتينا عليها سابقاً؟
– ليستُ كما يتصوّر الناس، حيث يقولون بأنّي «مفترٍ». بعد رجوعي من المهرجان، وأنا صغير السن، أحسستُ بأني فنان عالمي، ورفضت كل العروض التي قُدّمتْ لي، ولكن وجدنا من يرشدنا إلى الطريق الصحيح. بعدها شاركتُ في فيلم «هو وهي»، والذي خلق نجومية لكل من شارك فيه، وخلق لهم قاعدة جماهيرية عاشوا عليها منذ تلك اللحظة، وأنا من هؤلاء الذين عاشوا على جماهيرية ونجومية (هو وهي) إلى الآن، حيث كان يُعرض ثلاث مرات في اليوم الواحد.
* البعض يقول إن علي مهدي أحد الأسباب الرئيسة في كبوة الدراما السودانية التي تعاني منها؟
– لا يستطيع كائنٌ من كان، ومهما كانت قُدراته أنْ يكون سبباً في تعطيل مسيرة الدراما. وكيف تكون الدراما كسيحة ومُقعدة وهذا هو الموسم السابع لسلسلة «حكايات سودانية»، التي تُعرض بفضائية الشروق؟ لو أنّ الدراما توقفت كليةً حينها سنقبل القول بأنّنا فشلنا.
* سنوات طويلة وأنت تُمسك بمقاليد إتحاد الدراميين، ثم إتحاد المهن الموسيقية والمسرحية. ألا يوجد غير علي مهدي؟ هذا سؤال يسأله كثيرون.
اعتدل في جلسته، ثم بعد بُرهة أجاب:
– كنتُ رئيساً لإتحاد الممثلين، وتطور من بعد إلى الإتحاد العام للمهن الدرامية. أعترف أني قضيتُ سنوات رئيساً للإتحاد، وهنالك مَنْ يترشّح ضدنا كل سنة، وفي دورة واحدة ترشّح (11) شخصاً ضدي. وكنت أقول دوماً «الحشّاش يملا شبكتو»، والإحتكام دوماً يكون للصناديق عبر ديمقراطيتها العظيمة.
* إتحادكم متهمٌ بأنه لم يقدّم شيئاً يعتد به، منذ تأسيسه وحتى الآن، وهو فشل كبير؟
– كيف لمْ يقدّم شيئاً، وبعض الممثلين الآن يمتلكون قطع أراضي، وأهم حاجة عملناها هو الإعتراف بالمهنة. وفي الفترة الإخيرة لم أرغب في الترشح للإتحاد العام للمهن الدرامية، وأي زول قال علي مهدي سقط في إنتخابات يجي يجيب ما يُثبتْ.
* علي مهدي مُحبٌ للظهور الإعلامي، وللبقاء تحت الضوء؟
– قطعاً هذا الكلام خاطئ، وليس بهذه الصورة التي قلتها. لكني بالمقابل، عندما أصحو صباحاً، ولا أجد إسم علي مهدي، في أية صحيفة من الصحف الكثيرة دي بزعل والله، فالحديث عنك بالسلب أو الإيجاب هو شهادة على أنك تعمل، فمن لا يعمل لا يتحدث الناس عنه، وما بطراهو زول!
* هنالك أيدي طائلة أتت بعلي مهدي إلى رئاسة مجلس المهن الموسيقية والدرامية؟
نشرت في الصحف قانون الفنان في (2005)، وقدمت ورقة وهي أول ورقة مكتوبة تبحث في صفة وتقنين عمل الفنان، وأنا رئيس لإتحاد الممثلين، وإتحاد المهن التمثيلية. وسعيت لسن قانون يعرف بقانون نقابة الممثلين، أسوة بنقابة المحامين، وتضافرت جهودنا مع الإخوة في إتحاد الفنانين، ولكن الصلاحيات صلاحيات الدولة، وهذا لا يُقلّل من قيمة النقابات.
أنا أتيت من النقابات، وتم اختياري رئيساً لمجلس المهن الموسيقية والدرامية بعد مشاورات، وبقرار جمهوري. فكيف يكون هناك من أتى بي؟ وكيف يُردد بأني استغليت علاقتي بأحد الوزراء الذي أتى بي رئيساً للمجلس.
* هنالك لغطٌ كثيفٌ يدور حول معايير الرخصة الفنية؟
– معايير الرخصة الفنية واضحة في قانون مجلس المهن الموسيقية والدرامية لسنة (2010)، وموجودة في اللائحة أيضاً. وتتمثّل في أنْ يكون متخرجاً في إحدى الجامعات المعترف بها، وأنْ يكون ممارساً للمهنة، واستقر بها لسنوات.
* متي تسحب الرخصة الفنية من الفنان؟
تسحب الرخصة في حالة مخالفة اللائحة المظهر العام وعدم الإلتزام بالإخلاقيات والعقوبة ما(بتم طوالي) هنالك إنذار وفترة توقف عدد من المرخص لهم وواجهتهم بعدد من المخالفات وتمت التسويات فنحن لسنا محكمة وهنالك شرف المهنة. المغني والممثل الذي يأتي بأفعال فاضحة ثابتة عليه قطعاً سيعاقب معاقبة حادة جداً وأنا عندي سلطة ويمكنني أن أوقف إجراءات المحكمة.
* علي مهدي مرفوض من قطاع واسع من الفنانين والممثلين؟
ضحك عالياً، ثم قال: جبت الكلام دا من وين؟ وأضاف: بعد أن اعتدل في جلسته، أنا أرفض هذا الحديث الذي لا يستند علي بيّنة، ولا إشارات ولا شواهد.
* هل لدى علي مهدي علاقة بالرياضة، أم كلها مسرح ودراما؟
عندي علاقة وثيقة بالرياضة فأنا أمارس رياضة المشي، وعملت لسبع سنوات مع د. عبد الحليم محمد، رئيس اللجنة الأولمبية، وأشجع برشلونة، وخليت الهلال والمريخ عشان ما يكمّلوا قروشي، وعشان لما يتغلب الهلال وأكون حاضر في الاستاد بنسى عربيتي. دا هوس ما بنقدر عليهو.
* مهرجان البقعة الدولي هل حقق أغراضه المرجوة؟
– مهرجان البقعة الدولي من الأحداث الراتبة غير الرسمية التي لم تنقطع خلال (14) عاماً. المهرجان أصبح لديه شبكة داخلية وخارجية، وهو رقم لا يُمكن تجاوزه الآن نُناقش الدورة الـ (15)، وسنفسح المجال فيها للشباب عشان يطور نفسو.
* ماذا ينقص الممثل السوداني؟
– الممثل السوداني تنقصه الكثير من المعينات فهو كغيره من الممثلين الهندي والمصري والتركي جيد ولا يعيبه شيء ولكن قلة المنتوج قد تكون سبباً في تأخره عن رصفائه، أنا آخر مرة وقفت قدام الكاميرا قبل سنة ولكن لا بد من عناصر جذب.
* وماذا عن الأجور وأنت على قمة هرم الفنون؟
الأجور ضعيفة في القطاعات العامة ولكن في القطاع الخاص الأجور كويسة وأنا عن نفسي اشتغلت شغل لو قالوا لي أجرك كم ما بعرفوا وقالوا علي مهدي بياخذ أعلي أجر.
* تجربتك في الإنتاج الدرامي؟
– «هبّاش» كانت من التجارب الثرّة، وتم تصويرها بالقاهرة، وهي أول دراما سودانية يتم تصويرها خارج السودان.
* مجتمع المدينة يهمس جهراً بأنك واحد من رجال المال والأعمال؟
– المثل بقول لو قالوا ليك سمين قول آمين وأنا أطبقه حرفياً في إجابتي على سؤالك.

حوار: الشفيع علي أحمد: صحيفة حكايات

Exit mobile version