لكن هل سأل «الأنصار» أنفسهم لماذا يهاجم إمامهم قوات هي جزء من القوات الحكومية ونفس من يقودونها يقودون القوات المسلحة والشرطة وجميعها قائدها الأعلى شخص واحد هو رئيس الجمهورية؟! ألم يشعر أنصار الرجل الذين يصلّون خلفه ويموتون أمامه ويطربونه هو وأسرته بهذه الهتافات، ألم يشعروا بأن أمنهم واستقرارهم ونشاطهم السياسي وقراءة راتب المهدي في جو آمن يحتاج الى حماية الحكومة؟ وكيف ستقدم الحكومة الحماية هذي!؟ .. هل جاء الانصار وقالوا انهم مستعدون للتجنيد لحماية النساء والاطفال في الاقليمين بغرب السودان كما فعل بعضهم العام 1968م حينما كوّنت حكومة الصادق المهدي المنتخبة قوات الردع الخاصة؟! ما الذي يجعل في نظر «الأنصار» فرقاً بين قوات الردع تلك وقوات الدعم هذي؟! وربما ان بعض اخوة او ابناء قوات الردع هم الان في صفوف قوات الدعم السريع يساندون بصورة رسمية وانضباطية القوات المسلحة. إن الصادق المهدي عاد الى بيته معتذراً.. فلماذا إذن حمله على الاكتاف، وذاك الهتاف «نصلي وراك ونموت قدامك». لماذا لا يكون الهتاف لصالح الدفاع عن الوطن؟ إن بيان حزب الامة القومي امس جاء متأخراً، وكان ينبغي بمنطق «لا قداسة في السياسة» ان يأتي بعد فتح اوّل بلاغ ضد رئيس الحزب. لكنهم «ابوها مملحة وكاسوا ليها قروض». لقد اكلوها «قروض» اي انهم رفضوا اكل الكسرة وهي بملاح التقلية، وحينما عانوا من شدة الجوع راحوا يبحثون عن كسرة بلا ملاح ليسدوا بها رمقهم هذا هو شرح المثل السوداني. وننبه هنا الى انه مثل وليس آية قرآنية. وقيل ان الحاج نقد الله سبق ان قال: كما قال تعالى «من سدد دينو نامت عينو».. ومؤخراً يتداول الناس عبر هواتفهم مشهد فديو تتحدث فيه شخصية معروفة تقول «الحمد لله قال الله سبحانه وتعالى العارف عزو مستريح». المهم للعلم ان «تاباها مملحة وتكوس ليها قروض» هذا مثل شعبي سوداني. وان الانصار ببيانهم الاعتذاري ابوها مملحة وكاسوا لهيا قروض. كان يحيى الفضلي ضد الميرغني «لا قداسة مع السياسة». والفضلي يبقى من مؤسسي حزب الحركة الوطنية الاولى بزعامة الازهري. وهذالم ينقص من الميرغني، بل ربما تجاوبه مع ذاك الهتاف بدون خشونة هيأ له ان يستمر زعيماً للحزب. الان ما يفعله انصار الصادق المهدي يضر بإمامهم اكثر مما يفيده. وحزب الامة من الأحزاب الديمقراطية. لكن الغريب ان حزباً مثل المؤتمر الوطني تجمع الاحزاب كلها على انه شمولي ونسخة اخرى معدلة من الاتحاد الاشتراكي المايوي، تجده يمارس الديمقراطية من داخله حتى ولو بخل بها على غيره في الخارج، وان حزباً مثل حزب الامة القومي محسوب من الأحزاب الديمقراطية بل اولها تجده لا يمارس الديمقراطية بداخله، بل بداخله تجد القداسة مع السياسة. فالامام يخطئ وقومه يهتفون له، ويعتذر ويهتفون به. ان نائب الرئيس حسبو عبدالرحمن يقول بان الخلافات داخل حزبه المؤتمر الوطني تحسم بالديمقراطية. والسؤال لماذا لا تحسم الديمقراطية خلافات الأحزاب الديمقراطية؟.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش[/JUSTIFY]