وحشتني يا القصيبي (2)

[JUSTIFY]
وحشتني يا القصيبي (2)

كلما هَلَّ الأول من سبتمبر، وهو ذكرى يوم مولدي قبل أعوام قليلة من حرب أفغانستان (وعليك أن تجتهد لتعرف أيّ حروب أفغانستان العديدة أعني)، طخني الحبيب الراحل الشاعر صاحب السعالي (السعادة والمعالي معا) بقصيدة ظاهرها التهنئة بالمناسبة الميمونة وباطنها البهدلة، وأوردت في مقال الأمس قصيدته التي بدأها بـ: هنيئا عيد ميلادك يا خلي ابن عباس، وبعدها (عينك ما تشوف حتى النور)، فبزعم أنه يقدم لي الهدايا التي «نفسي فيها» قال: وروبي فهو يعشقها / كعشق الغيد للماس/ وذكرت بالأمس أيضا كيف ان استطلاعا للرأي أجري في مصر قبل بضع سنوات أتى بروبي في المرتبة الأولى كمثل أعلى للشباب، وأتى في المرتبة الثانية لاعب كرة قدم، (والغريب في الأمر أن مخابرات تنبل مصر السابق حسني شرم الشيخ مبارك لم تعتقل روبي لأنها تفوقت على الرئيس المزمن) وفي معرض تفسير تفضيل الناس للمطربين ولاعبي كرة القدم على العلماء والسياسيين والمفكرين قال صفوت فرج الخبير في المركز القومي للبحوث في مصر، إن فترة الحكم الشمولي (وكان هذا الكلام الشجاع في عهد مبارك الخالي من البركة) قامت بالهاء الشباب عن القضايا الحقيقية وتفريغ طاقاتهم في أمور لا تقلق الدولة!! ولكن هل نتائج هذا الاستطلاع «مفاجئة وغير متوقعة»؟ أبدا.. فبيبو وروبي ولوسي ولاسي ولالا وجالا وميشو ورزان وأليسا وهريسه هم مشاهير العرب في عالمنا المعاصر.. هم رموز ثقافة جديدة تمجد الشهرة والمال والمظهر، وهذه الثقافة لم ينتجها الشباب الذين اتخذوا من الراقصات والمطربات ولاعبي كرة القدم مثلا أعلى، بل هي من إعداد وإخراج جيل الآباء الذي فشل في توفير القدوة والأمثولة!! والأمر ليس وقفا على مصر.. فقبل سنوات قليلة أجري استطلاع في جامعات لبنانية وكانت نتيجته أن نحو 20% من المشاركين فيه قالوا إن جمال عبدالناصر، لاعب في نادي الزمالك، بينما قال آخرون إنه زوج تحية كاريوكا،.. ويبدو ان من زوجوا الزعيم الراحل بالراقصة كاريوكا، كانوا قريبين من الحقيقة نوعا ما، لأن زوجة عبدالناصر كانت تسمى «تحية»، وكانت سيدة فاضلة تعيش بعيدا عن الأضواء، ولم تحصل على الماجستير والدكتوراه بالمايكروويف كما فعلت جيهان زوجة الرئيس المصري الراحل أنور السادات (بعد أن صار زوجها رئيسا!!)، وطالما اننا تركنا للكمبيوتر والتلفزيون والبلاي ستيشن مهمة تربية عيالنا فليس مستغربا ان يتخذوا من الشخصيات التي يرونها على شاشات تلك الأجهزة مثلا أعلى.. روبي مطربة نص كُم تغني بفمها وصدرها وأردافها، وكسبت خلال سنتين ثروة تناهز قيمة جائزة نوبل التي حصل عليها نجيب محفوظ (هو الرجل الذي اكتشف قناة السويس).. ويكسب لاعب كرة قدم يفوز فريقه بـ«الكأس» في يوم واحد، أكثر مما يكسبه طبيب استشاري في المسالك البولية في سنة!! فهل من حق أحدنا ان يصيح في ولده أو بنته: مثلك الأعلى روبي؟ يا خروبي!
أعود إلى الحبيب القصيبي الذي كتب فيما كتب بمناسبة عيد ميلادي: أيها الفاتح من سبتمبر/ جئتنا تزهو بشَرٍّ أغبر/ جئتنا ذات صباح عابس/ أو مساء بصبي أشِر/ سحبته داية أمية/ بلسان مذ نما لم يقصر/ ألسان ذاك أم راجمة؟/ للّظى فتاكة للبشر/ هاجم الناس فلم يبق له / من صديق غير «أنكل» عنتر/ عنتر قد كا ن يهوى عبلة/ وأخونا عشقه للأسطر/ كل سطر فيه سم ناقع/ شيب -أحيانا- ببعض السكر.. ليتك كنت حيا يا القصيبي لتهنئني على الأقل بتحرير يوم مولدي (1 سبتمبر) من قبضة القذافي.[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version