من ضمن فيضان أخبار العنف الذي صار سمة من سمات عصر العولمة، ورد إلينا خبر تعرض زوجة حديثة الزواج في دولة شقيقة للذبح من ابنتي زوجها .. ذُكر في متن الخبر أن والدة الفتاتين كانت قد غادرت غاضبة لـ (تحرد) في بيت أسرتها، بعد أن أحضر زوجها عروسه الجديدة لبيت الزوجية، فما كان من البنات إلا أن قامن بالتصدي للمعتدية وذبحها من الاضان للأضان قبل أن يغادرن البيت لجهة غير معلومة .. القاعدات ليها تاني شنو بعد السوّنها قعدت ؟!
ذكّرني الخبر المؤسف بمثل (حبوباتي) كامل الدسم، يوصي المثل من ترغب في الزواج من احد الـ (الحلوين حلا)، أن تأخذ حذرها من أبناء زوجها وخاصة بناته، وأن تخاف شرّهم أكثر من خوفها من شر – أمهم – صاحبة الوجعة والـ (المضرورة) الأولى من فعلة زوجها .. يقول المثل (الضرة بي عوينات ولا وليداتا) !
حقيقة ان المثل يعكس معني غير جميل، وذلك لوتصويره استخدام الرجل لحق شرعي أقرّه الاسلام، وكأنه اقبال على معركة وصراع عمالقة، يجب ان تضع لها المخططات والتكتيكات، ولكنه أي المثل يلقي الضوء على تأثر الأبناء الشديد بما يحدث من مشاكل بين والديهم، ويؤكد على ان وجود الابناء داخل مركز الحدث السعيد الجديد لابيهم، يجبرهم على التفاعل مع هذه المشكلة التب تطرأ على الاسرة، ومن ثم الانحياز لجانب الأم لطبيعة العلاقة الحميمة بين الأم وأبنائها، ولا يخلو الأمر من ممارستها لسياسة (التحريش) واستخدامهم كـ اسلحة في معركتها، وبالتالي يأتي تحذير المثل من احتمال قيام الابناء بردة فعل عدائية عند زواج ابيهم، أما بالكيد للزوجة (الجديدة) وادخالها في دوامة مشاكل مع ابيهم، أو كان رد الفعل بالعنف البدني الذي قد يؤدي للاذى الجسيم .. هسي المسكينة دي ذنبها شنو ؟ خاتي النمل وللا الوقع فيهو ؟
عموما، نلاحظ أن بعض الموروثات السالبة كهذا المثل، قد توقع تحت طائلة قوانين (حقوق الانسان وحماية الطفولة)، فهناك أمثال بالمقابل تحذر الرجال من الاقدام على الزواج من صاحبة العيال، كالمثل الذي يحذّر (من أم الدرفّون ولو كان مدفون) وشرح المثل لغير الناطقين بلغة الحبوبات .. (الدرفّون) هو الطفل الصغير و(مدفون) يقصد بها المتوفي، وقسوة النصيحة التي يوجهها المثل لمن يرغب في الزواج من (ثيّب)، تكمن في توجيهه للراغبين في الزواج من (العزبات) أن يتجنبوا الزواج ممن سبق لها الانجاب حتى ولو كان طفلها متوفيا !!
سألت (أمي) عليها الرحمة عندما وقعت فريسة لاستفزاز المثل القاسي حين حكت لي عنه من ضمن حكاويها:
ما الذي يضير الرجل إذا تزوج من أم طفل (مدفون) في التراب؟
فأجابتني بأن ذكرى الطفل المتوفي تنقّص على أمه حياتها وتشغلها عن التفاعل مع زوجها الجديد ! كما أن انشغال الأم بابنها (الحي) ورعايته قد لا يترك في قلبها خانة لمحبة الزوج (آآ يابا يشغلوهو في قد)، بالاضافة لان الطفل الصبي يتحسس أكثر من البنات من زواج والدته، وكلما كبر في السن ازدادت حساسيته وغيرته من زوج أمه، كما قد يتعرض – في ذلك الزمن القديم – الطفل الذي تتزوج أمه للمعايرة من أقرانه، وذلك لأن المجتمع وقتها كان يفضل أن تتجرد الأم التي تفقد زوجها بالموت أو الطلاق من حب الدنيا، وتتفرغ لتربية صغارها بدلا عن أن تعرضهم لقهر زوج الأم .. حتى أنهم يقولون لمن تريد الزواج ولديها أبناء صبيان:
انتي دايرة تقصي ضهر أولادك ؟!!
مخرج:
حقيقة، هذا المثل وما شابهه يوحي بأن حبوباتنا كانن – غفر الله لهن ينحازن للرجل ويفضلن راحته وهناءته على أنفسهن، ويمارسن عبر أمثالهن جلد الذات بأقسى صوره[/JUSTIFY]
منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]