نعم الأعمار بيد الله ولكل اجل كتاب ولكن الله سخر لنا الأسباب لنعيش أصحاء ونبقى أحياء، ومن البديهيات ان من يهمل أمر العناية بصحته يكون قصير العمر، وهذه سنة الحياة، ولكن السيد مايكل ماموت أستاذ علم الأوبئة في كلية لندن الجامعية نشر مؤخرا كتابا عنوانه: «ستيتاس سيندروم» Status Syndrome أي «متلازمة الوضع الاجتماعي» ويقول فيه ان النجاح في الحياة يطيل العمر، وتوصل إلى هذا الاستنتاج بعد دراسة شملت عشرات الآلاف من الأشخاص على مدى ربع قرن،.. يعني اكتشف ان المدير يعيش أطول من الموظف السنكوح، والمليونير يعيش بصفة عامة أطول من سائق سيارته، بل ان مجرد نيل ترقية يتسبب في تحسين الصحة وتقوية جهاز المناعة، وان الحاصل على ماجستير يكون في صحة أفضل من الحاصل على بكالوريوس، ذلك أنه كلما علا شأنك الوظيفي والاجتماعي والمالي كلما كنت أكثر قدرة على التحكم في مجريات حياتك، تنام من دون ان تفكر في الفواتير وإقساط السيارات والقرض المصرفي الذي فشلت في تسديد آخر قسطين منه، ورسوم الدراسة لعيالك الذين لا تريد لهم أن يصبحوا أميين بـ«شهادات» بعد تلقي التعليم في المدارس الحكومية.. ويخيل إليّ ان البرفيسور ماموت هذا (واسمه فيه شيء من الموت) يقصدني ويستهدفني شخصيا ببحثه، ويريد ان يقول لي ان عمري قصير، لأن كل المواصفات أعلاه التي وضعها لطول العمر لا تنطبق علي، بل يستفزني أكثر بالزعم بأن الحالة الصحية لشخص يملك بيتا به ست غرف نوم أفضل من حالة شخص عنده ثلاث غرف نوم فقط!! هذا كلام فارغ، فقد نشأت في بيت كانت فيه ست غرف ولكن لم تكن ولا واحدة منها تحمل اسم «غرفة النوم»، فقد نشأت وأنا لا أعرف ان هناك غرفة للنوم وأخرى للوقوف وثالثة للعب، ففي الصيف كنا جميعا ننام في الحوش وفي الشتاء ننام جميعا في غرفة واحدة، ثم نلت الشهادة الجامعية وتوظفت وصار لي راتب لم أكن أحلم به ولكن اكبر بيت عشت فيه لا يعادل في المساحة نصف البيت الذي نشأت فيه في شمال السودان، ولم تكن بي حاجة إلى بيت فيه ست غرف!! على كل حال فإن ماموت هذا خواجة ودراسته تثير ضجة كبرى في بريطانيا وأوروبا وأمريكا، وخاصة أنها معززة بالأمثلة والارقام فكاثرين هيبيرن الممثلة التي نالت عدة جوائز اوسكار مثلا عاشت 96 سنة وقرير قارسون نال الاوسكار عام 1942 ومات عن 92 سنة!! كلش زين!! ولكن ما العمل كي يسعى الواحد منا لنيل طول العمر؟ عندي الحل: في كثير من البلدان يصل ضباط الجيش رتبا معينة ويحسون بأنهم يستحقون أوضاعا أفضل، فيقومون بانقلابات عسكرية فيصبح العريف عميدا ويصبح الشاويش مشيرا ويصبح رئيس قسم خدمات الطعام رئيسا لهيئة الأركان، وبإمكان المدنيين فعل الشيء نفسه بالاستيلاء على السلطة في الإدارات والشركات التي يعملون بها، فيطيحون بالمديرين ورؤساء الاقسام ويتقاسمون المناصب العليا، بل ويلغون المناصب التعبانة البائسة فيصبح لكل إدارة أو شركة نحو 100 مدير و213 نائب مدير ويصبح بقية الموظفين رؤساء أقسام.. ثم نتوجه بالآلاف إلى البنوك ونقترض منها بالهبل أي مبالغ ضخمة ثم نرفض سدادها!! أين سيجدون السجون التي تكفي لاستضافة مئات الآلاف؟ رجاء لا تقل لي ان هذه ستؤدي إلى فوضى! هذه مسألة حياة أو موت.[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]