بعد ما يقرب من 1000 سنة، يأتي أديب عراقي وينشر رثاءه لنفسه وهو حيّ بعد أن استفحل بجسده السرطان وأخبره الأطباء بأن أيامه باتت معدودة، وأن علاجه يحتاج إلى أموال هي فوق طاقته وطاقة أهله وأصدقائه، لتنتشر رسالته الوداعية في مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”تويتر” انتشار النار في الهشيم، وتصبح مادة دسمة لمن يريد أن يهاجم المؤسسة الرسمية التي لا تعير أي انتباه لأوضاع الأديب العراقي الصحية والمادية.
وتنشر “العربية.نت” رسالة القاص والروائي والإعلامي “كاظم الجماسي”:
الصديقات. الأصدقاء. وداعاً
“أيام ليس إلا. وسأكون هناك.
سأفتقد الأمر الذي ينشرني وجعاً منذ الآن، الشمس والهواء والنهر والشجر ومرأى الأقمار والنجوم، وكل عطفة حُسن من عطفات هذه الورقاء المعطاء المسماة “الحياة”.
نعم، ولكن سأفتقد حضوركم أكثر. صديقاتي أصدقائي، في البيت والمحلة والعمل والمكتبة والشارع، ليس في العراق وحده، بل عبر العالم أيضاً، وليس الآن فقط بل عبر الزمن كذلك.
سأفتقد أيضاً، وهو أمر بالغ الشدة علي، أحلامي. ياه أية قلاع شاهقة شديدة التماسك عديدة الطوابق والغرف، آه. هناك حيث غفوت، ولهوت، وضحكت وبكيت، كيما أعد العدة لأقطر ذلك كله في “كتاب” حياتي، الذي غدا اليوم دعابة غاية في السماجة، حيث سيبدو فصلاً ساخراً، إلباس ثوب الأيام القشيب هذه الرؤى العملاقة.
الصديقات. الأصدقاء
أجمع أمس أهل الحل والعقد من معشر الأطباء، أن لا بقاء للجماسي صديقكم، في هذه” الدنيا الفانية” سوى أيام معدودات، فالشق عريض والرقعة متصاغرة، مرضي عضال “سرطان رأس البنكرياس المتقدم” الذي كشف عنه الرنين المغناطيسي بنحو واضح، ويمتاز تداخله الجراحي بتعقيد من الدرجة الأولى ولا يتناسب ومقدراتنا الطبية المحلية، وبالتالي ليس من سبيل سوى طب الخارج المتقدم، وليس من سبيل إليه سوى المال، المال الذي فوق طاقة ظهري بكثير على احتماله.
على أية حال، أجد أنني عَبرتُ كما أفراد جيلي، عشرات الميتات بسلام، وأنا اليوم ألعب في المستقطع لـ”الوقت الضائع”، شعوري اللحظة سلام عميق.
ها. لا أكتمكم. هو سلام مداف بأسى الوداع المرير”.
من جانبه، خصص نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فعاليته القادمة للتضامن مع الجماسي، حيث ستقرأ في الجلسة التي سيديرها القاص محمد علوان جبر الرسالة التي ودع فيها القاص كاظم الجماسي أصدقاءه ومحبيه وحياته.
رئيس نادي السرد الروائي محمد علوان دعا عبر “العربية.نت” جميع أصدقاء الجماسي إلى الحضور وتقديم شهاداتهم الأدبية التي سيتم تصويرها بالفيديو للتوثيق وإرسال نسخ منها إلى رئاسة الوزراء ومجلس النواب ووزارة الثقافة وبعض المنظمات الإنسانية في الداخل والخارج عسى أن يتحرك ضمير ما.
في حين كتب القاص الكبير جمعة اللامي المقيم في الشارقة رسالة بعنوان “لن يكون القاص كاظم الجماسي هو الأخير”، مطالباً بإيجاد مؤسسة تتبنى الحالات الطارئة للمثقفين والأدباء والأكاديميين والفنانين العراقيين، ومقترحاً إنشاء “صندوق مالي مستقل”، تكون موارده من منحة تقدمها الدولة، ويتم استثمار فوائدها في رعاية الأدباء والكتاب والفنانين.
وأكد أن هذه الفكرة قد نجحت مع “اتحاد كتاب مصر”، من خلال المنحة المالية التي قدمها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، ومقدارها عشرون مليون جنيه مصري.
ووسط المقترحات والدعوات التضامنية تبقى حياة إنسان عراقي وأديب صاحب مشروع حضاري، معلّقة على أمل مبادرات “أهل الخير” بعد أن غسل الأدباء أيديهم من مبادرة الحكومة التي تبلغ موازنتها السنوية مئات المليارات.
[/JUSTIFY][/SIZE]
م.ت
[/FONT]