وفي عصر الحادي والثلاثين من ديسمبر ذاك كنت قد استحممت ثلاث مرات وفركت جلدي عدة مرات حتى صار لوني فاتحا.. وألقيت كذا نظرة على لوازم الأناقة.. وأهم شيء هو أنني مررت بتجربة ارتداء رابطة العنق (الكرافتة).. وقفت أمام المرآة وصحت: يا أرض احفظي ما عليك، أو انهدي ما عليك قدي.. إيه الحلاوة دي؟ الكرافتة وجدتها عند زميل يعمل أبوه في السلك الدبلوماسي وحاول تعليمي كيفية ربطها وحلها فقلت له: اربطها وخليها زي ما هي وسأحشر رأسي ورقبتي فيها عند ساعة الصفر.. ثم انتبهت الى أنني لا أملك حذاء يناسب حالة “الأناقة” التي كنت أتأهب لها وبعد تقليب مقتنيات نحو عشرة من الزملاء حصلت على زوجين على مقاسي يصلحان للاستخدام الآدمي عند أحدهم
وانطلقت الى قلب الخرطوم قبل الموعد المحدد للقاء صديقي بنحو ساعتين، وبما ان وضعي المالي كان ممتازا حيث أنني كنت أحمل في جيبي نصف جنيه كامل (ولا تسلني: كيف يكون النصف كاملا؟).. اشتريت كأسا من الآيسكريم ولحسته في تأنٍ ليس فقط من باب التلذذ ولكن لتفادي سقوط بقعة منه على القميص او البنطلون.. وغابت الشمس وبقي على موعد حضور صاحبي نحو ساعة، فدخلت الجامع الكبير في وسط الخرطوم لصلاة المغرب.. وخرجت من الجامع فإذا بحذائي المستعار قد طار.. صرت أطوف حول مداخل المسجد متفقدا أقدام الخارجين ولكن مفيش فايدة.. دخلت الجامع مجددا وجلست فيه حتى انتهاء صلاة العشاء وبعدها طلب مني الحارس الخروج ليغلق الأبواب.. وخرجت “من فوق مثلك في القيافة ما في” ومن تحت حافي.. ودخلت متجرا يبيع شباشب البلاستيك وفاصلت في السعر (15 قرشا) ثم انتبه التاجر الى حالي وباعه لي بـ 5 قروش ومنذ يومها أدركت ان الله أراد بي وببنات الإغريق خيرا.. وحصل خير فقد عفا عني صاحب الحذاء رغم أنني أبديت استعدادا لدفع سعره على اقساط على مدى ثلاث سنوات بعد التخرج.
زاوية غائمة
jafabbas19@gmail.com