حاجة كاشف.. أدوار وطنية مهمة في تاريخ الحركة النسوية.. برمبل مسواك الصندل
تُعدُّ الدكتورة حاجة كاشف حسن بدري من رائدات الحركة النسوية في السودان، وقد ساهمت في تشكيل الوعي، وقادت مبادرات قومية مهمة في تاريخ السودان، ونشأت وترعرعت في حي بيت المال العتيق بأم درمان من أسرة آل كاشف المعروفة والقديمة، التي نزحت من شمال السودان من جزيرة (صيصاب) مركز عبري إلى أمدرمان، والدتها كانت عضواً في الاتحاد السوداني برغم تعليمها المحدود.
وحاجة كاشف أكملت تعليمها الأولي بمدرسة كاشف بأمدرمان وبيت المال والمتوسط بأول مدرسة متوسطة للبنات بأمدرمان بالقرب من سجن البقعة، فيما درست الثانوي في أول مدرسة ثانوية حكومية للبنات بالقرب من بوابة عبد القيوم، وتخرجت في كلية الخرطوم الجامعية كلية الآداب عام 1956.
مساحة من الحرية والديمقراطية
مساحة من الحرية والديمقراطية وجدتها حاجة كاشف من جانب الأسرة، وخاصة والدها، نشأت فيها وساعدتها إلى جانب إخوتها على المبادرة في الكتابة والمبادرة في طرح الأفكار التي تؤمن بها، وأن تكون صريحة وواضحة، خاصة في رؤيتها تجاه وضع المرأة والسعي لإنهاض المرأة لتحقيق أو لإثبات ذاتها. وبعد تخرجها عُيِّنت في وزارة الاستعلامات عام 1956، حيث عرضت مشروعاً على وزارة الاستعلامات والعمل، وكان وزيرها وقتها (أبوسن).. ينص المشروع على إنشاء قسم للمرأة بوزارة الشؤون الاجتماعية، وقبل وكيل الوزارة المشروع، ولكن هذا القسم لم ينشأ إلى أن تم فصلها من الوزارة، فقد كان هناك نوع من التراخي بالقسم وعينت ضابط استعلامات داخل الوزارة عام 1957 ولمدة عامين ثم فصلت لأسباب سياسية.
مؤسس للاتحاد النسائي
وتُعدُّ حاجة كاشف من المؤسسات للاتحاد النسائي منذ الدعوة الأولى لقيام تنظيم نسائي قومي، ومن ثم كانت الدعوة لاجتماع في منزل عزيزة مكي يوم 17/ يناير/ 1952، فحضرت عشر نساء من بين عدد كبير هن اللاتي أسسن الاتحاد النسائي السودان أولهن: فاطمة طالب – دكتورة خالدة زاهر – نفيسة المليك – حاجة كاشف – نفيسة أحمد الأمين – محاسن جيلاني – ثريا أمبابي – أم سلمى سعيد – خديجة محمد مصطفى – عزيزة مكي (صاحبة الفكرة).. وبعد الدعوة الأولى أعلن عن الدعوة للاجتماع العام يوم 31 / يناير 1952 فحضر الاجتماع 300 امرأة، واحتضنت مدارس المليك الاتحاد النسائي منذ أول دعوة له، التي كانت تشغل وقف عبد المنعم محمد الآن.
أهداف سامية
اهتم الاتحاد بقضية المرأة وأبرز مطالبها في عريضة متكاملة احتوت على: (حق المرأة في الحرية – حق المرأة في التعليم – حق المراة في العمل/ الأجر المتساوي – المعاش – الترقي/ والحق في اختيار الزوج – وحقها في الانفصال – وحقها في العمل العام والتنظيم وحقها القانوني والسياسي كاملاً)، وكل ما يدور الآن نصف قرن ويزيد من الزمان ورد في تلك العريضة، وعبر مسيرة المرأة والحركة النسائية قد تحقق الكثير للمرأة في أخذ حقوقها كاملة، وذلك قبل نهاية القرن العشرين.
برمبل مسواك الصندل
لدى حاجة كاشف لقب مميز، وهو (برمبل مسواك الصندل)، وظل معها طوال حياتها، وعن قصته تقول: “استمتعت بطفولتي في أم درمان، حيث كان والدنا – رحمه الله – لا يتمسك بالعادات والتقاليد المقيدة للحرية كثيراً مثل عدم حرية المرأة وعدم تعليمها وعدم عملها، فأتاح لنا هذا الأمر مساحة من الحرية والديمقراطية، وكنت ألعب في الشارع مع الأولاد، وأذكر حتى اليوم بعض رفاقي من الأولاد الذين كنت أتشاجر معهم، وكانوا يتندرون علي بتسميتي (برمبل)، وكان برمبل هذا مأمور أم درمان، وكان متسلطاً وفي بعض الأوقات يضرب المواطنين بالسوط، وهو على صهوة جواده، وكان شعري غزيراً وقصيراً، ولذلك كان الصبية يتغنون بأغنية الغرض منها استفزازي، تقول: (برمبل مسواك الصندل – ديني عليك وحياة كاريك) وكاريك نوع من حلاقة الرجال القديمة كنت أحبذها لشعري لتبدأ بعدها المشاكل والمشاجرات معهم عندما أسمع منهم هذه الأغنية”.
اليوم التالي